هم أطفال بعمر الزهور!!.. وهم أيضاً يتعرضون للعنف يومياً.. هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين تفوح منهم كل عطور الرقة والطيب نجدهم يذبلون يومياً بعد يوم نتيجة لتعرضهم لكل أشكال العنف سواء البدني أو المعنوي أو النفسي.. ليترك هذا الوحش المسمى «بالعنف» في نهاية المطاف قلوبهم الطرية بائسة مكسورة، وأحلاهم محطمة حتى قبل أن يبدأوا مشوار حياتهم!!.
هناك فئة من الأطفال في مجتمعاتنا تعاني فعلاً وبمرارة من كل أشكال العنف... فظاهرة العنف ضد الأطفال هي ظاهرة واقعة في كل المجتمعات، سواء العربية أو الأجنبية، مع الفارق الكبير وهو أن المجتمع الغربي يعترف بوجود هذه المشكلة ويعمل على معالجتها بوسائل عديدة على أساس علمي.. بعكس المجتمعات العربية التي تعتبرها من الخصوصيات العائلية، بل من الأمور المحظور تناولها حتى مع أقرب الناس.
الضرب الجسدي بكل أشكاله، والحبس في الغرف المظلمة كعقاب، وتشغيل الأطفال في أعمال لا تتفق مع قدراتهم العقلية والجسمية، وإهمال تعليم الأطفال، إضافة إلى إهمال الرعاية الطبية يعتبر من أبشع صور العنف الموجودة في مجتمعاتنا... وكذلك نقص الاهتمام العاطفي، مثل حرمان الطفل من الحب والحنان الذي هو أيضاً نوع من أنواع العنف النفسي المستتر!!.
إن استخدام القوة الجسدية من أجل إيذاء الأطفال وإلحاق الضرر بهم كوسيلة لتأديبهم هي طريقة غير إنسانية وغير شرعية تترك آثاراً جسدية ظاهرة أو مخفية، كما تترك آثاراً نفسية يصعب تجاهلها... فليس بمستغرب أن نسمع عن أطفال قضوا تحت تأثير ضربة طائشة، خاصة على الرأس أو بتأثير من الخوف الشديد من الضرب أو الركل أو حتى التحقير خاصة إذا كان الطفل على درجة عالية من الحساسية والرهافة!!.. لكن المؤسف والذي يثير المرارة في النفس هو عندما يتم التعتيم على تلك الأفعال العنيفة من قبل الأهل والمدارس والجهات المعنية بحجة عدم مقصوديتها أو الإشفاق على الفاعل من حيث الجزاء وخراب البيت !!.
المعاملة الخشنة والقاسية واستخدام أساليب العنف مع الأطفال قد تسبب بحدوث حالات الانتحار والاكتئاب، كذلك عدم المقدرة على التعامل مع المجتمع وذلك بسبب تدهور المهارات الذهنية والاجتماعية والنفسية للطفل حيث يتدنى مستوى الذكاء لديه؛ مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس، والتعثر وضعف التحصيل الدراسي.
إن طبيعة مجتمعاتنا الأبوية والسلطوية قد تشجع البعض على استخدام العنف على الرغم من مرورنا في مرحلة انتقالية... إلا أننا نلاحظ جذور المجتمع المبني على السلطة الأبوية ما زالت مسيطرة... فنرى على سبيل المثال أن استخدام العنف من قبل الأخ الكبير أو الأب أو بعض المدرسين يعتبر أمرا مباحا في إطار المعايير الاجتماعية السليمة عند البعض!!.
لا يمكن للعنف أن يؤدي إلى نمو طاقة التفكير والإبداع عند الطفل، وذلك لأن القدرة على التفكير لا تنمو إلا في مناخ الحرية، فالحرية والتفكير أمران لا ينفصلان... والأطفال الذين يحققون نجاحاً وتفوقاً في حياتهم ودراستهم هم الأطفال الذين ينتمون إلى اسر تسودها المحبة والأجواء السلمية!!.
www.diananimri.com
(الرأي)