كان لرجالات الأردن دورا كبيرا لدى خلفاء بني أمية ، وخاصة رجاء بن حيوة الكندي احد رجالات الأردن المشهورين الذي اعتمد عليه كل من الخليفتين سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز ، وكان له دورا مهما في تولية الخليفة عمر بن عبد العزيز بعد سليمان ، وقد ولى هشام على البلقاء صفوان بن سلمة الأراشي سليل النواح بن سلمة بن كهلة الأراشي ، وبنوا أراشة هؤلاء من أهل البلقاء . ومع أن هشام لم يقم بالأردن أسوة بباقي الخلفاء الأمويين ، حيث اختار الرصافة ، إلا انه اتخذ ضياعا كثيرة في البلقاء ، وقد انتبه هشام لنشاط محمد بن علي في الحميمة فأوقف صلات العباسيين وهباتهم ، وطالبهم بدفع الخراج عن زروعهم وثمارهم ، فذهب إليه محمد بن علي ومكث شهرين حتى تمكن من مقابلته ، فأبقاه في دمشق إلى دفع العباسيون الخراج ، فأخلى سبيله ووصله ببعض المال ، وسيره إلى الحميمة ، ثم استدعى الخليفة هشام داود بن علي أخا محمد ليتأكد من عدم صلته بحركة الهاشمي زيد بن علي .
بعد وفاة هشام بن عبد الملك الذي حكم خلال الفترة من 105-165 هـ 724-743م دب الشقاق والنزاع في الدولة الأموية ، فقد كان هشام آخر الخلفاء الأقوياء ، تولى بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي حكم لمدة سنة واحدة ، ففي عهدة انقسم البيت الأموي على نفسه ، وكان الوليد بن يزيد قد اتخذ من قصر الأزرق في وسط بادية الأردن مقرا له إلى أن توفي الخليفة هشام ، ولكن الوليد قسا على أبناء عميه هشام والوليد بن عبد الملك ، وثقل عليهم واشتد ، حتى انه ضرب سليمان بن هشام مائة سوط ، وأرسله إلى سجن عمان في البلقاء من بلاد الأردن ، وبقي سجينا فيها إلى نهاية حكم الوليد . وقد رماه الأمويين واليمانيين من جنده بالفساد ، فأيدوا يزيد بن الوليد الذي سار لمحاربة الوليد وكان يقيم في البلقاء ، في مكان يسمى ماء الأغدف بالقرب من عمان ، فهرب الوليد إلى إحدى القلاع في البلقاء ، فلحق الجيش به وقتله .
وبعد مقتل الوليد اضطرب حبل بني مروان ، وهاجت الفتنة ، فوثب في مدينة عمان ؛ سليمان بن هشام بن عبد الملك الذي كان مسجونا فيها ، فاخذ ما كان بعمان من الأموال ، واقبل إلى العاصمة دمشق قادما من عمان في البلقاء ، للانضمام إلى يزيد الذي بويع بالخلافة ، وقد وجه يزيد بن الوليد مسلم بن ذكوان ومحمد بن سعيد الكلبي إلى البلقاء للقبض على يوسف بن عمر الثقفي والي العراق زمن الوليد الذي فر إلى أهله في البلقاء ، وبمساعدة من جند البلقاء المقيمون في قصبتها عمان تمكنا من القبض على يوسف الثقفي في مزرعة له على بعد ثلاثين ميلا عن عمان ، واخذ إلى دمشق وأودع السجن فيها سنة 126 هـ .
كما انه بعد مقتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك اظهر مروان بن محمد الخلاف على يزيد بن الوليد ، وانطلق من أرمينية إلى الجزيرة الفراتية مطالبا بدم الوليد ، وقد ثار على يزيد بن الوليد أهل جند الأردن بزعامة رجلين من بلقين وهما الحكم وراشد ابنا جرو ، إلا أن الخليفة اخمد الثورة بقيادة سليمان بن هشام بن عبد الملك ، ولكن موت الخليفة يزيد بعد ستة أشهر من ولايته أدى إلى تطورا لأمور لصالح مروان بن محمد ، إذ تولى الخلافة بعد يزيد إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك ، إلا أن مروان بن محمد تمكن من خلعه ليصبح مروان آخر الخلفاء الأمويين .
وقد شهد عهد مروان بن محمد اشتداد الثورة العباسية التي كانت تدار من البلقاء في الأردن حيث يقيم العباسيون في الحميمة بجنوبي الأردن ، وهي أول حركة سرية في تاريخ الإسلام ، فنشط محمد بن على بن عبد الله بن العباس في الحميمة ، فأرسل الأتباع من الحميمة إلى الكوفة وخراسان ، وتبع محمد بن علي ابنه إبراهيم بن محمد ، إلا أن مروان بن محمد اطلع على رسائل بين إبراهيم وأعوانه في خراسان ، فأرسل إليه جندا من البلقاء للقبض عليه ، فقبض عليه في مسجد الحميمة بجنوبي الأردن عند صلاة الصبح ، فطلب إبراهيم من أهله المسير إلى الكوفة مع أخيه أبي العباس عبد الله بن محمد الذي أصبح أول خليفة عباسي .
وقد اندلعت الثورات على الأمويين في أواخر عهدهم من جميع أجناد الشام ، عدا جند البلقاء الذي بقي على الولاء للأمويين . ولما تقدمت الجيوش العباسية إلى دمشق ، كان أهل دمشق والبلقاء يدافعون عنها . وبد دخول العباسيين لدمشق لم يستسلم أهل البلقاء فثاروا في البثنية وحوران ، وعلى ارض البلقاء سقط من الأمويين سليمان بن يزيد بن عبد الملك وهو يقاوم العباسيين .
تحية لكم والى اللقاء ..