حسنا فعلت إيلاف:
ما يجمع الأردن والعراق لا يفسده أي موسويالقرار الذي اتخذته إدارة إيلاف بوقف أية كتابات ل ( محمد حسن الموسوي ) قرار جريء، يدلل على أن سياسة إيلاف طوال السنوات الستة الماضية كانت الانفتاح على النقد البناء، الذي يهدف لآفاق واسعة من التطور والتحضر والنمو العربي، لكن مقالة ( الموسوي ) التي سببت له الطرد من ساحة إيلاف البناءة لا علاقة لها إلا بما يسمونه في الحارات الشعبية المصرية ( الردح )، فقد كانت مجرد ألفاظ سوقية لا تحمل أية فكرة يمكن مناقشتها والبناء عليها، ولا أعتقد أن هكذا شتائم وبذاءات تصدر عن مواطن يحب العراق والعراقيين، لأن من يحب العراق والعراقيين يبني على الإيجابيات ويناقش السلبيات بهدوء ، و أنا هنا أكتب بصفتي مواطنا عربيا فأنا لست أردنيا ولا عراقيا، ولكنني بذلت أقصى ما يستطيع كاتب من أجل العراق الديمقراطي وضد الديكتاتور ونظامه ، وأصدرت كتبا وألقيت محاضرات لم تتوفر للعديد من الكتاب العراقيين، وهذا ليس منّة أو جميلا أحمله لأي عراقي ، ولكني أذكره لأدلل على أن من يحب العراق والعراقيين لا يقوم بهذه الدسائس التي حتما هدفها إساءة وتوتير العلاقات بين الدولتين والشعبين خدمة لأجندة ليست عربية بالمطلق ، فالأجندة العربية الصادقة هي التي تقول ( إن ما يجمع الأردن والعراق هو أكثر بكثير مما يفرقهما ).
إن حجم الأكاذيب والتلفيقات في مقاله المطرود بسببه لا يمكن أن تنطلي على طالب في المرحلة الإبتدائية في العلوم السياسية، فهذه الانتقائية لمواقف وتفسيرها حسب أجندته الخاصة يستطيع أي مبتدىء أن يلفق مثلها ضد أي شخص وضد أية دولة، ولكنه في المحصلة لا يمكن أن يكسب احترام أحد سوى قلة ممن ينطلقون مثله من نفس الأرضية ويخدمون نفس الأجندة غير العربية مطلقا. وللأسف الشديد هذا الإسلوب ليس جديدا على ( محمد حسن الموسوي ) فله أكثر من كتابة رديئة ضد أشخاص وليس دول فقط ، وبالتالي فليس من مستوى إيلاف ولا سمعتها أن تواصل النشر له أو لأي كاتب يستعمل نفس الإسلوب .
إن العراق والأردن شاء الموسوي أم أبى ، قدرهما المشترك أن ينسقا معا وليس من مصلحة الأردن مطلقا أي خلل بأمن العراق، و إلا فمن أية خلفية كل الشهادات الإيجابية بحق الأردن من غالبية السياسيين العراقيين من الرئيس جلال الطالباني إلى رئيس الوزراء موفق المالكي وما بينهما ، فهل كل هؤلاء مخطئين ومن يمتلك الحقيقة هو فقط ( الموسوي )؟؟. والغريب المضحك المبكي أن خدمات قدمها الأردن للعراق الجديد كتدريب قوى الشرطة والأمن يستخف الموسوي بعقولنا فيقدمها على أنها فائدة للأردن، أما الدول التي تغذي الإرهاب علنا كإيران فلا ذكر لها في قاموسه . و إلا هل يشكك في شهادات الرفاق الأمريكان الذين حضرت العديد من القيادات العراقية التي يعرفها الموسوي على ظهور دباباتهم ؟.
وأسوأ ما في تلفيقات الموسوي هي متاجرته بهموم اللاجئين العراقيين في الأردن، وأنا ممن لي أصدقاء عديدين من الكتاب والصحفيين العراقيين الذين هاجروا ويعيشوا في الأردن منذ أكثر من أربعة سنوات ، ولا اسمع منهم هذه الأكاذيب التي يسوقها الموسوي ، ولنكن في منتهى الصراحة ومنطلقين من التعاطف والتضامن مع اللاجئين العراقيين الذين نكبوا بالعراق الجديد كنكبتهم بعراق صدام ، إذ لا يمكن لوم الأردن وهو أساسا لم يقصر حسب إمكانياته ، فمن يصدق كيف يستطيع الأردن بامكاناته المحدودة استيعاب ثمانمائة ألف لاجىء عراقي؟ تخيلوا لو كل مواطن عراقي يحتاج يوميا إلى عشرة ليترات من الماء لكافة استخداماته، فهذا يعني ثمانية ملالين لتر من الماء يوميا في بلد يعيش أزمة في المياه. ولو احتاج كل مواطن عراقي إلى خمسة أرغفة من الخبز يوميا فهذا يعني أربعة ملايين رغيف يوميا، ناهيك عن الرعاية الصحية وغيرها، وهذا كله لا يقدم مجانا للمواطن العراقي ولكن يدفع ثمنه مما يجنيه من عرقه وعمله ورغم ذلك فهو عبء على اقتصاد بلد محدود الإمكانيات كالأردن..ولماذا ينسى الموسوى أنه قبل اسبوع فقط قررت وزارة التربية والتعليم الأردنية قبول أربعين ألف طالب عراقي في المدارس الحكومية أي مجانا بدلا أن يتركوهم للمدارس الخاصة ؟. الحديث طويل و ذو شجون لكن أكثرها حزنا أن يقوم بعض المنتسبين للعراق بالإساءة لشعبهم من خلال ما يعتقدون أنه إساءة للأردن..وسأظل أقول وأكرر وأثبت أن ما يجمع العراق والأردن أكثر مما يفرقهما ، رغم محاولات ذوي الأجندات الخاصة غير العربية...ومرة ثانية وثالثة : شكرا لإيلاف على قرار الطرد هذا ، فهي تثبت للجميع أن النقد لديها هدفه البناء وليس المتاجرة، النقد بالإسلوب الراقي وليس أسلوب الردح، وسيبقى العراق والأردن فوق هذه البذاءات لأن قدرهما التنسيق في الإيجابيات ومناقشة السلبيات للتقليل منها.
ahmad64@hotmail.com
( كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في أوسلو )
www.dr-abumatar.com