التعديلات الدستورية مرجعية جديدة
نبيل غيشان
02-08-2011 04:51 AM
ننتظر بشغف اعلان نتائج اللجنة الملكية لمراجعة الدستور لنرى حجم الانجاز, فالدستور هو الركن الاساسي والمحدد الاول لكل تغيير واصلاح, والرهان كبير ليس بالعودة الى دستور 1952 فقط بل بوضع دستور يحمل اسم "عبدالله الثاني" ليكون شاهدا للقرن الحالي بما يجدد شباب المملكة ويزيد من شرعية نظامها السياسي ويضعها في مصاف الدول الحديثة والديمقراطية.
لا توجد وصفات جاهزة, بل نتمنى ان نرى مرجعية دستورية جديدة تستند إلى النزاهة والحرية والمكاشفة واحترام خيارات صناديق الاقتراع وتعيد ترسيم خطوط التماس بين السلطات الثلاث ودور جلالة الملك كحكم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
إن معضلتنا السياسية طوال العقود الاربعة الماضية ليست فقط في الدستور الذي تم تعديله بما يرجح كفة السلطة التنفيذية على السلطات الاخرى بل بسكوت رؤساء الحكومات لاحقا على التجاوز على صلاحيات حكوماتهم واختبائهم وراء"تعليمات القصر" حتى غدت الحكومات اخر من يعلم, وهذا هو الفارق بين وصفي التل ومن تبعه من رؤساء.
فالدستور الاردني واضح ومحدد, حيث تنص المادة 49 منه : اوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤوليتهم".
فالمشكلة ليست في القصر بل برئيس الحكومة الذي يقع بالخطأ عن سابق اصرار وترصد, لأنه لا يريد تحمل المسؤولية, ويخاف على منصبه ولا يريد ان يقول كلمة الحق خوفا من ان "يعيدوه إلى بيته".
ويجب ان لا يغيب عن بالنا ان التعديلات التي ستجرى على الدستور ستكون عاملا مهما في امتصاص غضب الشارع أو استمراره. ولن يكون هناك مجال لمقارنة حجم الانجاز الاردني الا بوضعه إلى جانب ما انجز من تعديلات دستورية في المملكة المغربية لتشابه النظام السياسي في البلدين.
يخطىء من يعتقد ان مهمة التعديلات الدستورية تنحصر في امتصاص الغضب الشعبي والاستجابة لمطالب الناس في الشارع, فالمهمة اكبر من ذلك وفي مقدمتها تأكيد شرعية النظام السياسي والتمسك بانجازاته والتخلص من الاخطاء عبر تمتين علاقة الأردنيين بالقصر الملكي.
فالتعديلات الدستورية هي عنوان الاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتي يأتي في مقدمتها اعادة الاعتبار لدور الاحزاب السياسية ودورها في الحياة العامة وهي قضية لا يمكن حسمها بين يوم وليلة بل هي عملية بحاجة إلى دورتين انتخابيتين على الاقل من اجل الوصول الى حزب الاغلبية البرلمانية, لكن قبل ذلك لا بد من التاكيد على انهاء مبدأ حل البرلمان, واعادة الدور إلى السلطة التشريعية لتمارس عملها بدون تدخل او تأثير وكذلك الانتباه إلى دور القضاء وسلطته.
المعروف, ان التعديل على الدستور لا يمر الا عبر البرلمان, لكن هل مجلس النواب الحالي بسمعته المعروفة والعداء المطلق له في الشارع قادر على تقديم دعم نوعي للدستور الجديد? وهل ستطيل التعديلات عمر المجلس النيابي?
nghishano@yahoo.com
(العرب اليوم)