ملف جاي وملف رايح .. من يوقف هذه المهزلة ?
سلامه الدرعاوي
31-07-2011 04:39 AM
فجاة انتقل حديث الفساد من موارد والخصخصة و »او بيتش« واسهم الفوسفات وبرنامج التحول وصفقة نادي باريس وعطاءات العقبة واعطيات الحكومات وصفقات النفط والكازينو وسفر شاهين الى الشركات المساهمة العامة التي بدأت هيئة مكافحة الفساد فتح ملفاتها على اعتبار انها عاجزة في الوقت الراهن عن التحقيق بالقضايا الكبرى لارتباطها بشخصيات لا يسمح القانون بمساءلتها.
توجه مكافحة الفساد الى فتح ملفات الشركات المساهمة بهذا النحو الذي بدا المجتمع يراه يوميا من احالة شركة ما كل اسبوع الى التحقيق فيه تجاوز كبير على عقول الاردنيين الذين يصرخون في مظاهراتهم واحتجاجاتهم الاسبوعية على قضايا فساد محددة, لا يعنيهم ارتفاع الاسهم وانخفاضها بالبورصة ولا يعنيهم شهرة الشركات وبكم بيعت ومن اشتراها.
للاسف ان الضرر الذي بدأت تلحقه هيئة مكافحة الفساد بالاقتصاد الاردني اكبر مما خسره الاردن من قضايا كبرى مثل برنامجي التخاصية والتحول, فاجراءاتها فيها تدمير لصغار المساهمين, ولا ادري ان كان ذلك العمل عن قصد او دون قصد.
فالشركات المساهمة لها اصحاب هم الهيئة العامة التي تصادق على قرارات مجلس الادارة, وسواء كانت قرارات الهيئة العامة صحيحة ام خطأ فهي وحدها من تتحمل مسؤولية تداعيات تلك القرارات, وبالتالي فان فتح الهيئة لباب الشكاوى على الشركات المساهمة على مصراعيه سيؤدي الى اثار سلبية على انشطة تلك الشركات التي ستتوقف اعمالها وتتجمد تعاملاتها وتعلق اسهمها ويمنع مالكوها الرئيسيون من السفر بعد ان يتم الحجز عليهم.
دخول هيئة مكافحة الفساد في مجال الشركات المساهمة العامة يجب ان لا يخرج عن نقطتين; الاولى تتعلق بعدم افصاح تلك الشركات عن بعض القرارات ادى الى تحميل الشركات خسائر مالية كبيرة, والثانية تتعلق باعتداء اعضاء من مجلس الادارة على اموال المساهمين بطرق غير قانونية مما يتطلب تدخلا سريعا من الجهات الحكومية لمحاسبة المقصرين.
اما ان تحقق هيئة مكافحة الفساد في شكاوى من مساهمين على قرارات كانت الهيئة العامة قد صادقت عليها قبل ثلاث سنوات وقبلها صادق عليها مجلس ادارة الشركة وحققت الشركة ارباحا وعندما خسرت نتيجة ظروف مختلفة يتم تجميد انشطة الشركة ومنع مساهميها من السفر والحجز على البعض الاخر وتعليق انشطة الشركة في خطوة قد تؤدي الى تصفيتها وتدمير الشركة.
الشيء المقلق في الامر ان هيئة مكافحة الفساد تحقق في قضايا من المفترض ان تكون هيئة الاوراق المالية ومراقبة الشركات تراقبهما لانها هيئات رقابية وهذه الامور هي من اختصاصها, واذا ما اكتشف ان هناك خللا في شركة ما بعد سنين ومصادقة الهيئة العامة على تقرير مجلس الادارة والميزانية العامة وابراء ذمة مجلس الادارة فان الاولى بهيئة مكافحة الفساد ان تباشر التحقيق مع العاملين في هيئة الاوراق المالية ومراقبة الشركات واي جهات لها علاقة باموال المساهمين لانهم يتحملون بالدرجة الاولى مسؤولية اي خلل في تلك الشركات , بدلا من تعليق المسؤولية على شماعة كبار المساهمين.
واذا ارادت هيئة مكافحة الفساد مواصلة التحقيق في ملفات الشركات المساهمة فمن الافضل الغاء دور كل من مراقبة الشركة وهيئة الاوراق, لانه لا داعي لدورهم في هذه المرحلة, فاذا كان كل هذا الفساد في الشركات والهيئات موجودا, فما هو الداعي لبقائها.
واذا ما اصرت هيئة مكافحة الفساد على الرقابة والتحقيق في الشركات المساهمة العامة المحدودة فانه من الاولى ان تعدل قانونها بما يضمن تعويض المتضرر في حال ثبوت براءته وان تدفع خزينة الهيئة التعويض الذي تقرره محكمة مختصة بالنظر قي القضايا التي ترفعها الشركات المساهمة العامة او رجال اعمال الحقت اعمال التحقيق بهم ضررا بالغا في سمعتهم, واثرت على سير اعمالهم وانشطة شركاتهم, كما هي الحال بالنسبة للحكومة وهيئة مكافحة الفساد اللتين قررتا وضع بند معدل في قانون الهيئة يتعلق باغتيال الشخصية, فالامر ليس حكرا على المسؤولين وانما هو حق لكل الاردنيين وحق لكل من لحق به اذى من قرار مهما كان مصدره, فالتعويض المادي والمعنوي لا يغني عن الاذى الذي لحق باي مواطن جرى تجميد امواله والحجز عليها ومنعه من السفر.
الاردنيون بانتظار معرفة نتائج التحقيق في قضايا خطيرة اهدرت موارد الدولة مثل سكن كريم وبرنامج التحول, وهم غير معنيين بالشركات واسعار اسهمها, واذا ما اصرت هيئة مكافحة الفساد على التخلي عن الدور الحاسم لها في القضايا الرئيسية والتفرغ لقضايا هي اساسا من مهام دوائر رقابية اخرى, فان غالبية الرأي العام ستتجه انظارها الى دعم الفساد والوقوف ضد الاصلاح والمطالبة بالسماح للفاسدين بالعمل لانهم قالوا ان الفساد مرتبط بمسؤولين محددين, واخيرا اقول بصراحة وان الفساد اصله الحكومة وليس القطاع الخاص يا سادة يا كرام, الرجاء اوقفوا هذه المهزلة.0
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)