انتعش التوجه لإحياء التعاونيات في ظل البحث عن طريق ثالث للإقتصاد عقب الأزمة المالية العالمية وتراجع إقتصاد السوق لكنها بشكل أو بآخر تبقى صيغة مخففة للإشتراكية .
التعاونيات منظمات أهلية تعمل في مجال التنمية الاجتماعية من خلال ممارسة النشاط الاقتصادي لمحدودي الدخل وصغار المنتجين في المجالات الاستهلاكية والزراعية والإسكانية والإنتاجية والثروة الحيوانية , وغاياتها وهي منظمات ليست ربحية كما أن غاياتها ليست تنافسية , بقدر ما هي سبيل لمواجهة مشاكل منها البطالة والفقر وإرتفاع الأسعار والكلف , وهي لا تقوم على أنقاض مشاريع قائمة وناجحة لا تستطيع الدولة أن تستردها مباشرة فتلجأ خطأ الى تأميمها عبر ما يسمى بالتعاونيات .
التعاونيات في بعض تجاربها ناجحة , لكنها في تجارب أخرى كانت فاشلة بامتياز ففي كندا 40% من الكنديين أعضاء بمنظمات تعاونية في حين أن 70% من سكان مقاطعة كيبك مثلا أعضاء تعاونيات,
وفي ألمانيا 20مليون تعاوني، وفي فنلندا 62% من الأسر أعضاء تعاونيات، وفي اليابان ثلث اليابانيين أسر تعاونية، وفي الولايات المتحدة 25% من المواطنين تعاونيون، وفي الهند أكثر من 239 مليون مواطن أعضاء تعاونيات وفي الدنمرك تسيطر التعاونيات الاستهلاكية على 37% من أسواق الاستهلاك، ففي الكويت 70% من تجارة التجزئة تسيطر عليها التعاونيات.
ما سبق من أمثلة نجحت في تلك الدول لإقترانها بالتحولات التي قطعتها تلك الدول في مجال بناء الدولة المدنية الحديثة التي قطعت أشواطا كبيرة في التحولات الإقتصادية المبنية على أسس واضحة من الحريات الإقتصادية , لكن الأمر يبدو مختلفا كليا عندما نتحدث عن تعاونيات لم يبق منها سوى إسمها كما في مصر بفضل إنتعاش الفساد وهيمنة رأس المال المدعوم سياسيا , كما أن التجربة في لبنان ذهبت الى ما هو أبعد من ذلك عندما غرقت في وحل الجهويات وهيمنة صغار الإقطاعيين , وتوزّعت بين الأحزاب السياسية ذات الصبغة الطائفية والجهوية .
اليوم تطرح الحكومة الأردنية بتشجيع من بعض التيارات السياسية والإجتماعية قيام التعاونيات , بل إن بعض التيارات وأصواتا من داخل الحكومة تضع هذه الخطوة بمرتبة تحرير الإقتصاد من « الهيمنة «بوضع بعض الأنشطة الإقتصادية تحت سيطرة سكان المناطق التي تتواجد فيها مثل هذه الأنشطة عبر التعاونيات . وهو بلا شك شكل من أشكال التأميم إن لم يأخذ بالإعتبار الأهداف الصحيحة لإنشاء مثل هذه التعاونيات , لأن إنحرافها عن هذه الغايات سيقودها الى ما حدث في مصر وما يحدث في لبنان .
qadmabniisam@yahoo.com
(الرأي)