الإصلاح وفهم الآخر!!!! (2-2)
د. سحر المجالي
30-07-2011 03:47 AM
الكل يعلم بأن العالم تطوفه هذه الأيام موجة من الضبابية وعدم اليقين، خاصة منطقتنا العربية، وتحديداً الأنظمة التي ترى في وجودها إكسير الحياة وسر الوجود وإستمراريتة. ومن أجل ذلك ليس مهماً المدى الذي وصل إليه إهدار الدم العربي ، ما دام هذا الدم وتدفقه يعطي هذا الحاكم او ذاك فرصة أخرى للإستمرار في خنق حرية الإنسان العربي ومصادرة حقه في الحياة الكريمة وإهدار دمه الذي حرمه الله سبحانه وتعالى في عليائه إلا بالحق. ونتيجة لذلك الكم الهائل من الأحداث وتداعياتها التي تشهدها ساحة أمتنا العربية وعلى إمتداد وطننا العربي الكبير، والتي لا يشابهها إلا إيام الثورة الفرنسية و مقصلة « روبسبير» وأيامه وعشاؤه الأخير، فإن الإنسان العربي غالباً ما يقع في الحيرة، والتي تكون مضيئة أحياناً و سوداء أحياناً أخرى. و مرد ذلك إلى عدم قدرته على الفهم. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، هو لماذا لم يعد الإنسان العربي يتحاور مع أخيه الإنسان إلا بالعنف والرصاص الحي الخارج للتو من فوهات البنادق التي بقيت دهوراً صامتة ولا يسمع لها صوت إلا من خلال الإحتفالات الرسمية. هل هي دعوة هابيل و قابيل ؟؟، أم هي دعوة الشيطان الذي أخرجنا من نعيم الجنة؟
لماذا غاب العقل أو على الأصح لماذا غيب هذا العقل، حتى لم نعد ندري أخلق الإنسان و قد هداه الله النجدين؟ لماذا عادت شريعة الغاب و غريزة الحيوان ، وأصبحتا هما الرائدتين، و هما اللتين تحكمان البشر ويسيرانه.
أليس بالحوار وفهم الآخر و إستخدام العقل و البناء على الإيجابيات أولى من الحوار من خلال العنف والدماء والإتهامية وجلد الذات!، أليس التعاطي بالكلمة الحسنة و بالتي هي أحسن ستوصل كل ذي حق إلى حقه، دون أن يمس حياته بسوء ؟؟؟.
إن الإنسان هو خليفة الله على الأرض، يقيم شعائر الله و يؤدي فرائضه و يستجيب لأوامره، و هذه كلها بالمطلق تقع في باب الخير. و لكن ما نراه اليوم أن كل ذلك قد أصبح غير ذي بال، وغير وارد في ذهن البشر، بل أصبح مآل الإنسان إلى العنف و التدمير بكل دم بارد. و أصبحت مظاهر الهدم و الدماء و الأشلاء موائد تقام حولها حلقات الرقص و المجون.
أصبح الحليم حيران ، و أصبح الإنسان عاجزاً عن الفهم أو التفسير أو حتى قراءة الكف. ماذا جرى يا ترى؟؟؟!
أعتقد بأن السبب يعود كله إلى ابتعاد الإنسان عن السماء، و الإصرار بكل قوة على التثاقل إلى الأرض. لم يعد الطهر مطمعاً أو هدفاً، بل غدت المادة و الكسب الحرام هما ما يملكان على البشر لبهم.
أقول للقابضين على زناد الموت في الشوارع العربية، أن من يقتل إنسانا فكأنما قتل الناس جميعاً، و من أحيا روحاً بشرية فكأنما أحيا الناس جميعا،ً هكذا تقول الشرائع السماوية و على هذا قام الإسلام كآخر رسالة إلى البشرية. فلماذا نعصي الله و لماذا نقتل أنفسنا ونزهق أرواح الآخرين؟
بكل أسف، يبدو أن حراك عالمنا العربي المضاد للحركات الإصلاحية السلمية لم يقف عند هذا الحد، بل يسير حثيثاً نحو المزيد من التدهور و الاقتتال و الوحشية. فدعونا نعود إلى السماء نقلب وجهنا فيها، لعل الله يعيد هدايتنا إلى ما فيه الخير. وكفى قتلاً وتدميراً. اللهم هل بلغت...؟؟؟ اللهم فأشهد!!!.
الرأي