لا شك بأن المنحة السخية من خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز وبقيمة مليار دولار سوف تقدم دعما قويا لحالة الاقتصاد الأردني واستقراره المالي، وهي مؤشر آخر على العمق الإستراتيجي للعلاقات الأردنية السعودية والتي يمكن أن تنتقل خطوة هامة أخرى نحو المأسسة والاستدامة عن طريق تسهيل انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي والاندماج في الاقتصاد الخليجي الناهض والمساهمة في تطوره من خلال القيمة العالية لرأس المال البشري في الأردن.
دخول المنحة السعودية إلى الخزينة في الأردن سيعطي متنفسا للحالة الخانقة للاقتصاد ولكن ليس أبدا إلى درجة الاستكانة. من المهم تعزيز وتسريع كافة المحاولات التي تقوم بها الحكومة للخروج من عنق الزجاجة الاقتصادي من خلال خيارات اقتصادية ذكية في التخصيص المنطقي للموارد المالية للخدمات والنفقات ذات الأولوية الإنتاجية والاجتماعية، وألا يتم الركون إلى المساعدات الخارجية التي يمكن أن تزيد ضمن ظروف سياسية معينة وربما تتراجع في ظروف مختلفة.
من المهم ايضا إدارة المنحة السعودية الكريمة بطريقة منصفة وشفافة ونزيهة بدون وجود اية شوائب على كيفية تخصيص الأموال والإنفاق منها، لأن جزءا كبيرا من الاستقرار والأمن الاقتصادي يتعلق بكيفية إدارة الموارد المالية المتاحة. وجود المنحة السعودية لا يعني ابدا التفكير في قرارات من البذخ الاستهلاكي بل توجيه تلك الأموال إلى دعم القطاعات ذات الأولوية وخاصة الطاقة والتعليم والصحة والمياه وغيرها. بالتأكيد هنالك تفاهمات مع الجانب السعودي حول معايير وأولويات استخدام المنحة ومن الضروري أن تكون واضحة للراي العام من أجل توضيح مجالات الإنفاق وكيفية قياس التأثير، حتى لا يتم فتح الباب أمام عدة اجتهادات ومطالبات من الخدمات والدعم المبالغ به طالما أن لدينا مليار في الخزينة! .
هنالك مسؤولية كبيرة في إنفاق هذه الأموال ليس فقط أمام الدعم السخي للمملكة العربية السعودية بل أمام الرأي العام الأردني في هذه الفترة من الضائقة الاقتصادية والعجز المتزايد في الموازنة والحراك الشعبي في الشارع، ومن نافلة القول أن عملية استعادة الثقة ما بين الإدارة العامة في البلاد وما بين الرأي العام تتطلب الالتزام بالحرص التام على النزاهة والوضوح والتخطيط السليم في الإنفاق.
لدينا الآن فرصة ذهبية لإعادة عجلة الاقتصاد الأردني إلى حالة من الاستقرار والثقة بشكل مرحلي بفضل هذه المنحة، وهذا يتطلب الإنفاق الحكيم والاستمرار في البحث عن الفرص الأخرى في اتخاذ القرارات السليمة اقتصاديا، فدعونا لا نضيع هذه الفرصة.
batirw@yahoo.com
لدستور