دراسة تكشف مدى التغول الحكومي والامني على الحياة الاكاديمية
لم ننجح في اصلاح الجامعات الحكومية والتعليم العالي, تلك هي النتيجة التي يخلص لها المرء حين يطالع نتائج الدراسة العلمية حول استقلالية الجامعات التي اجراها المركز الوطني لحقوق الانسان بالتعاون مع مركزين بحثيين.
الدراسة التي استطلعت اراء اكثر من 600 استاذ جامعي في ثلاث جامعات هي : الاردنية واليرموك ومؤتة خلصت الى ان الحكومة تفرض وصايتها على الجامعات عبر ادوات قانونية وادارية وامنية, وقال 51 بالمئة ان الحكومة تتعامل مع اعضاء هيئة التدريس بمنطق الولاء والمحسوبية.
وفي باب التوصيات دعت الدراسة الى منح الجامعات الاستقلالية الكاملة, واطلاق الحريات الاكاديمية, ولاداراتها حق التصرف بالوظائف من دون اي تدخل, الى جانب توصيات اخرى كثيرة.
كم حكومة رددت من قبل هذه الشعارات, وكم من مسؤول تعهد باحترامها وتطبيقها, ولا ننسى الاستراتيجيات والخلوات والمؤتمرات التي استفاضت في مناقشة استقلالية الجامعات. في السنوات القليلة الماضية قيلت هذه الامور الف مرة, فماذا كانت النتيجة? صفر, وبشهادة الاكاديميين هذه المرة. في مراحل سابقة لم يكن صوت اساتذة الجامعات مسموعا والتركيز اكثر على حرية الطلاب في التنظيم النقابي وحرية التعبير, الدراسة الاخيرة تكشف الجانب الاخر المظلم في الجامعات الحكومية.
ببساطة, فشلنا في اصلاح الجامعات, كل المشتغلين بالعمل الاكاديمي والعام كانوا على معرفة في ذلك قبل ظهور الدراسة, يكفي ان تسمع استاذا جامعيا يتحدث في جلسة مغلقة لتعرف الحقيقة المُرّة في الجامعات, والخراب الذي خلفته السطوة الحكومية والامنية في المجتمع الاكاديمي.
لقد بدا للكثيرين ان الدولة ومؤسساتها اصبحت اكثر ادراكا لازمة الجامعات ولديها تشخيص دقيق للمشكلة واكثر من ذلك خريطة طريق للاصلاح, لكن اللافت انه ومع كل اعلان او تأكيد يصدر بهذا الخصوص كانت السلطات تمعن في مصادرة الحريات الاكاديمية والتغول على مبدأ استقلال الجامعات. ما يعني ان ارادة الاصلاح ليست غائبة فحسب, بل ان هناك تصميما على تحديها بمزيد من الاجراءات والسياسات العرفية.
لن يكتب النجاح لعملية الاصلاح في الاردن اذا ما استمرت الحكومات في مصادرة الحريات الاكاديمية والطلابية وانتهاك استقلال الجامعات. كيف لنا ان نربي الاجيال الشابة على قيم الحرية ونعلمهم الابداع والأغلال في أيدي اساتذتهم?
الجامعات اليوم هى مجتمع مرعوب يعيش افراده تحت سطوة الخوف والقلق, والاكاديمي الذي يفكر في استخدام عقله سيواجه متاعب لا تحصى, لكي ينجو من العقاب عليه ان يضع رأسه بين باقي الرؤوس ويقبل بحياة اكاديمية فقيرة بالعلم والمعرفة النقدية, والمهم في هذا المجال ان لا يبدي رأياً يخالف السياسة السائدة, او ينتقد حكومة.
حصاد هذه السياسة بيّن للجميع, جامعات بلا حياة جامعية, اكاديميون بلا طموح علمي, وخريجون بلا مستقبل. وبديل الحرية يكون في العادة العنف الذي نتابع فصوله في معظم الجامعات.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم