من الأرشيف .. لماذا تكرهوننا؟!
سميح المعايطة
25-07-2011 03:21 AM
قبل سنوات، كانت الإدارة الأميركية مشغولة بالبحث عن إجابة لسؤال كبير موجه للشعوب العربية والإسلامية: "لماذا تكرهوننا؟". وتزامن هذا مع مرحلة الاحتلال الأميركي للعراق وما كان يجري على صعيد القضية الفلسطينية. وفي تلك المرحلة وما حولها، كانت هناك حملة علاقات عامة، وإنشاء محطة تلفزيونية موجهة للمنطقة العربية والإسلامية، وأيضا وسائل أخرى عديدة.
وعلى الجانب الشعبي العربي والإسلامي، كانت هناك دعوات لمقاطعة البضائع الأميركية. وحتى المحطة التلفزيونية الأميركية فإن بعض الحركات الشعبية الإسلامية كانت تقاطعها وترفض الحديث إليها لأنها تمثل أميركا، وكان هذا وغيره يمثل حالة تريد الإدارة الأميركية التخلص منها ومعالجتها.
واليوم، ما تزال السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية كما هي لم تتغير، وما تزال القوات الأميركية في العراق وأيضا في أفغانستان لمن يهمهم الشأن الأفغاني، لكن مكانة أميركا لدى بعض القوى الشعبية تغيرت. فهناك مشاريع حوار سياسي بين الإخوان المسلمين في مصر والإدارة الأميركية تحدثت عنه أميركا، ورحب به قادة الإخوان في القاهرة، وهناك أقاويل لم يتم تأكيدها عن لقاءات بين قادة بعض الحركات الإسلامية ومسؤولين في المخابرات الأميركية، وهي أنباء يتم نفيها من جهة وحديث عن صحتها من جهة أخرى. لكن المهم هو أن الولايات المتحدة لم تعد ذلك الرجس من الشيطان لا يجوز الاقتراب منه أو اللقاء معه أو حتى الحديث أمام ميكروفون قناته العربية التي تم إطلاقها لتحسين صورة الولايات المتحدة وسياستها.
رئيس المجلس الانتقالي الليبي، وهو بمثابة زعيم ثورة ليبيا، وصف خلال لقائه مع هيلاري كلينتون في تركيا مؤخرا، بأنها حامية للديمقراطية في المنطقة؛ أي أن السياسة الأميركية من وجهة نظر أحد قادة "الربيع العربي" هي صاحبة الفضل في تعميق الديمقراطية، ولها في هذا فضل على الربيع العربي. وحتى في ثنايا الثورة المصرية، فإن الإدارة الأميركية اقتربت من الثورة ووقفت ضد الرئيس السابق وحثته على الرحيل. وفي كل بلد كان فيه حراك قوي كانت الإدارة الأميركية تعلن مواقف تغازل فيها مطالب الناس، لأنها تعلم أنها أمام فرصة كبيرة قد لا تتكرر للتقرب للشعوب في قضايا تهمها، وهي علاقة الشعوب مع أنظمتها الحاكمة، لأن أميركا تعلم أنها لن تنجح في مجال سياستها الخارجية الخاصة بقضايا الأمة الكبرى في فلسطين والعراق.
ما سبق لا يعني أن أميركا هي صانعة الثورات أو محركة الشعوب، لأن للشعوب قضايا، وإن كان لأميركا علاقات قديمة وقائمة على التمويل بحجة دعم مؤسسات المجتمع المدني وقضايا الحريات والمرأة مع بعض القوى التي شاركت في الحراك. لكن أميركا، كما وصفها أحدهم بأنها راكب أمواج ماهر، ومهما كانت مساهمتها في كل ساحة عربية، إلا أنها في النهاية تحاول أن تكون العنوان الدولي لكل ما يجري في الساحات، لأنها تملك أن تحرك مجلس الأمن، وتملك إطلاق الصواريخ والطائرات في مناصرة بعض الثورات، وتملك تقديم الضغط السياسي والإعلامي أحيانا، أو رفع الغطاء عن بعض الحلفاء وتركهم يواجهون مصيرهم من دون حماية.. وكل هذا تم في ساحات مختلفة.
لم تعد أميركا تبحث عن إجابة للسؤال القديم "لماذا يكرهوننا؟"، لأنهم في مرحلة إنجاز يوجهون فيه السؤال لنا نحن الشعوب: "لماذا لا تحبوننا؟".
sameeh.almaitah@alghad.jo
الغد