يحار الكاتب، هذه الأيام الصعبة، في إتخاذ المواقف السريعة، فلسنا من كتّاب المياومة الذين يستطيعون حمل البندقية ذات الكتف اليمين، والكتف اليسار، وإطلاق المقالات حسب ظرف اليوم، وتقلّبات اللحظة السياسية التي تأتي من الشارع المحكوم، أو من الشارع الحاكم.
نحار، لأنه ينبغي علينا وضع حقائق الأمور نصب أعيننا، وموضع أقدامنا، وبعدها نكتب، فلا نغطس في بحر الشعارات والإنفعالات الحقيقية أو تلك التي تريد تقليد الآخرين، وأيضاً أن لا وغرق في محيط الخطايا الحكومية التي تحمل شكل ردود فعل نزقة، سمجة، غير مسؤولة.
على أيّ واحد منّا أن يسأل نفسه: ماذا سأفعل إذا كنتُ رئيساً للوزراء في هذه الظروف الصعبة؟ هل سأسمح بإعتصامات طويلة الأمد، على شاكلة بلاد أخرى، ستخرج حتماً عن مسارها المرسوم؟ هل سأبقي على أسعار المحروقات على حالها، فأزيد العبء على الموازنة؟ هل أرفع رواتب الموظفين وألجأ للإستدانة من الداخل والخارج وليواجه هذه المشكلة من يأتي بعدي؟
هذا نموذج لبعض الأسئلة الصعبة، وسيجد كلّ منّا العشرات منها، وسينسحب الأمر أيضاً على الوزراء، لنكتشف في آخر الأمر أنّ المنصب الحكومي في زماننا الحالي معضلة حقيقية تجعل صاحبه في موقف لا يُحسد عليه في حال من الأحوال، وفي الجانب الآخر، فسؤال: ماذا لو كنتُ زعيم تنظيم معارض؟ فسيحمل شكلاً مغايراً في الإجابة، حيث التصعيد أقصر الطرق إلى الشعبية!