حماية الصحفيين في الأردن ..
سمير حجاوي
23-07-2011 08:47 PM
انهال رجال الأمن في الأردن بالضرب المبرح للصحفيين مما أدى إلى إصابة عدد من الصحفيين بجروح بليغة، مما دعا البعض للتلويح برفع قضية حماية الصحفيين في الأردن إلى الأمم المتحدة في ضوء تدهور الحريات الصحفية والاعتداء على الصحفيين
هذا الاعتداء الصارخ على الصحفيين في الأردن ليس الأول من نوعه، فقد سبقته اعتداءات متكررة من رجال الأمن، ومن غير رجال الأمن أيضا، شملت الضرب والإهانات وغيرها، لكن الاعتداء هذه المرة له وضع خاص، ذلك أن نقابة الصحفيين الأردنيين اتفقت مع مديرية الأمن العام على توزيع سترات خاصة على الصحفيين لتمييزهم عن غيرهم في المظاهرات، وفعلا ارتدى الصحفيون هذه السترات، ورغم ذلك هاجم رجال الأمن ومعهم "مدنيون" الصحفيين بشراسة باستخدام العصي والهراوات.
هذه الاعتداءات دفعت نقيب الصحفيين الأردنيين طارق المومني إلى وصف الاتفاق مع مديرية الأمن العام لارتداء سترات مميزة بأنه كان" مصيدة" للصحفيين، معتبرا الاعتداءات دليلا على عدم نية الحكومة الإصلاح، وطالب بمحاسبة مديرية الأمن العام وذلك برفع الدعاوى من قبل الصحفيين بشكل فردي أو جماعي، وأكد أن النقابة لن تتهاون حول ما جرى وأنها تتدارس خطوات تصعيدية إذا لم تتم محاسبة كل من أساء للصحفيين.
أما "مركز حماية وحرية الصحفيين" فاعتبر ما جرى "وصمة عار" بحق الحكومة وأجهزتها الأمنية وأكد أن الإعلاميين مستهدفون كشهود على الحقيقة، وأن الكلام عن حمايتهم وحقهم بالعمل بحرية واستقلالية ليس أكثر من شعارات للتسويق لم تطبق على أرض الواقع.. وأن الإعلاميين كانوا على قناعة بعد الاعتداءات والتهديدات بأن ما حدث معهم مخطط له ومبيت، وأن إلباسهم السترات كان مصيدة للإيقاع بهم حتى يسهل حصارهم ومنعهم من ممارسة عملهم وليس تأمين حريتهم بالعمل".
نقابة الصحفيين ومركز حماية الصحفيين والمركز الوطني لحقوق الإنسان طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة، ومحاكمة مرتكبي هذه الاعتداءات ومن أصدر الأوامر، والاعتذار العلني، وتعويض الصحفيين المتضررين، بل ذهب مركز حماية الصحفيين أبعد من ذلك عندما أكد أنه "سيلجأ لاستنفاد طرق الطعن الوطنية الممكنة، وإذا تبيّن عدم فعاليتها فإنه سيلجأ للآليات الدولية ومنها المقرر الخاص لحرية الرأي والتعبير والمقرر الخاص للتعذيب والمعاملة السيئة".
للمرة الأولى نسمع في الأردن عن تدويل حماية الصحفيين ورفعها إلى الأمم المتحدة، وهذا يعني أن منسوب الحريات ينخفض، وأن استهداف الصحفيين يتسع مداه، وأن الأجهزة الأمنية التي تتمتع في الأردن بنفوذ كبير مطلقة اليد، تمارس سلطة أكثر مما يمنحها القانون وهي سلطة ينبغي الحد منها، وهذا ما تؤكده التقارير المحلية والدولية، فحسب الأرقام المتوفرة من مسح أجراه مركز حماية الصحفيين فقد تبين أن 21 في المائة من الصحفيين الأردنيين تعرضوا لمحاولات احتواء وأن 43 في المائة قالوا إن الحكومة ومؤسساتها هي من قامت بذلك، ووصف التقرير حالة الحريات الإعلامية عام 2009 في الأردن بأنها "إلى الخلف در".
وأشار تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" الخاص بمؤشرات حرية الصحافة للعام 2010 إلى تراجع الأردن للمرتبة 120 بعدما كان في المرتبة 112 عالميا العام الذي سبقه، واعتبرت منظمة فريدوم هاوس في تقريرها الأخير الأردن بلدا غير حر، إذ احتل المرتبة 140 عالميا والمرتبة الخامسة إقليميا.
لا يمكن وقف الاعتداء على الصحفيين والمواطنين في الأردن من دون تفكيك عقلية الهيمنة الأمنية وتغيير الذهنية الأمنية في التعامل مع الصحفي والمواطن، ووضع ضوابط لعمل المؤسسة الأمنية المحصنة وتطوير الأدوات القضائية القادرة على حماية الصحفيين والمواطنين من بطش الأجهزة الأمنية، والكف عن تعبئة رجال الأمن ضد الصحفيين والمواطنين بوصفهم أعداء للوطن، وبكلام مختصر لابد من تفكيك "ذهنية الدولة الأمنية" التي تعتبر أجهزة الأمن محصنة دون أي محاسبة، وإعادة تأهيل الكوادر الأمنية بوصفهم خدما للشعب وليسوا سادة له، وبغير ذلك فإن الاعتداءات على الصحفيين وعلى الشعب ستستمر بلا توقف.
hijjawis@yahoo.com