علامات الفشل .. الطاقة والنقل نموذجا
فهد الخيطان
17-07-2011 07:37 AM
الكهرباء والمصفاة مهددة بالديون والخسائر ومشروع النقل الوحيد يفشل في عمان
من علامات الفشل في اي دولة, عدم القدرة على التنبؤ بالازمات, والعجز عن وقف التدهور في القطاعات الرئيسية. هل يحصل معنا شيء مشابه? اعتقد ذلك, والا بماذا نفسر الحال التي وصلت اليها قطاعات كالطاقة والنقل.
المفارقة ان القطاعين المذكورين حظيا بالعناية الاكبر في السنوات الاخيرة, وشكلت من اجلهما اللجان واعدت الاستراتيجيات, فالى ماذا انتهينا?
تشير المعلومات الى ان خسائر شركة الكهرباء الوطنية تجاوزت 700 مليون دينار, ومن المتوقع ان تقفز حاجز المليار دينار مع نهاية العام الحالي. في المقابل بلغت ديون مصفاة البترول على "الكهرباء الوطنية" ارقاما فلكية, بعد ان توقفت الاخيرة عن تسديد مطالبات المصفاة, الامر الذي يطرح تساؤلا مقلقا حول قدرة المصفاة على تمويل شراء النفط الخام في المستقبل القريب. حيال هذا الوضع لم يعد مستبعدا ان نصحو في يوم ليس ببعيد ولا نجد وقودا لسياراتنا.
يعزو المسؤولون الخسائر والمديونية الى انقطاع الغاز المصري. لو سلمنا جدلا بأن الغاز المصري هو السبب الوحيد, فلماذا لم نتحرك في وقت مبكر ونجد البدائل المناسبة. مشكلة انقطاع الغاز المصري بدأت منذ العام الماضي حين قام الجانب المصري في تخفيض الكميات المخصصة للاردن, في اشارة واضحة الى رغبة المصريين في تعديل الاسعار المتفق عليها. والمؤسف ان سنة ونصف السنة من المفاوضات مرت من دون التوصل الى نتيجة. ولم يتوقف الاهمال عند هذا الحد فمنذ ذلك الوقت لم نحاول تسريع الجهود لاستيراد الغاز المسال كبديل جزئي او كلي للغاز المصري فخبراء الطاقة في الحكومة يعلمون ان استيراد الغاز المسال يتطلب بناء ميناء خاص بتكلفة تصل الى مئتي مليون دينار, بيد ان خبراء في مجال الطاقة يؤكدون ان هذه التكلفة تساوي خسائر "الكهرباء الوطنية" في شهر او شهرين.
ويتساءل خبراء في مجال الطاقة عن السبب وراء تقاعس الحكومات في البحث عن مصادر بديلة لتوليد الكهرباء, فوزارة الطاقة ما زالت تفاوض للسنة الثالثة او الرابعة مع شركة تقدمت بعروض لبناء محطة توليد بطاقة الرياح في الكمشة, وما زالت لغاية الان تفاوض الشركة الاستونية لبناء محطة لتوليد الكهرباء من الصخر الزيتي.
قطاع النقل العام وفي عمان تحديدا وجد نفسه هو الاخر غارقا في ازمة بعد توقف المشغل الرئيسي عن العمل. شركة المتكاملة التي تأسست كتعبير عن الحاجة الى اصلاح قطاع النقل العام في عمان وتخليصه من التشوهات, ولمساعدة الشركة على النجاح ساهمت الحكومة فيها بنسبة 20 بالمئة من رأسمالها البالغ 20 مليون دينار وذلك عن طريق امانة عمان التي تولت حسب القانون مسؤولية الاشراف والتنظيم لقطاع النقل في العاصمة. واجهت الشركة مشاكل مالية منذ البداية بسبب ارتفاع تكاليف العمل واصرار الامانة على مواصفات متطورة للحافلات, وقبل هذا وذاك الارتفاع الكبير في اسعار المحروقات من دون ان يرافقه تعديل على تعرفة الاجور.
ظلت مشاكل الشركة تتراكم من دون حل لكنها استمرت في تقديم الخدمات, ولم يكن من حل سوى قبول دخول شريك استراتيجي لدعم الشركة في المجالين المالي والمعرفي. ونتيجة للمفاوضات مع امانة عمان تملكت شركة ستي غروب الكويتية 51 بالمئة من "المتكاملة" على ان تقدم امانة عمان دعما ماليا للشركة بقيمة 17 مليون دينار على مدار اربع سنوات, ضمن شروط تتعلق بنوعية الخدمة وعدد الحافلات. تعثر الاتفاق اثناء التطبيق, وكانت الاطراف المعنية في الحكومة تتابع ما يجري لكنها لم تحرك ساكنا, الى ان وقعت الازمة عندما توقفت الشركة عن تقديم الخدمة للمواطنين. ببساطة الشريك الاستراتيجي لم يتحمل ما تحملته الشركة من قبل فاوقف الخدمة وغادر البلاد. وهنا يتساءل خبراء في قطاع النقل: هل كان هذا التصرف يحدث من مجلس الادارة السابق, وهل كنا سنصل لهذا المأزق لو تم الاهتمام مبكرا بشكاوى الشركة قبل ان يدخل اليها الشريك الاستراتيجي ويغادرها معطلة?
بدورنا نسأل من يتحمل المسؤولية عن الخسائر في قطاعي الطاقة والنقل جراء التقاعس عن مواجهة المشاكل قبل ان تكبر وتتفاقم? لماذا نبدو عاجزين الى هذا الحد عن ادارة ازماتنا ونتركها تتراكم من دون حلول? مالذي اصاب الادارة الاردنية حتى تحولت الى جسم مشلول لا يقدر على السير خطوة الى الامام.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم