ارحمـوا البـلاد والعـبـاد ..
محمد حسن التل
14-07-2011 04:14 AM
من المؤكد أنه لا يوجد أردني واحد ضد الإصلاح، وضد مكافحة الفساد، والضرب على رؤوس سدنته، والفرق كبير بين من يريد تحقيق مكاسب عامة للناس، ومصلحة للبلاد، وبين الباحث عن دور يحمل أجندة خاصة به، يريد استغلال الحراك الشعبي المُطالِب بالإصلاح لتنفيذ رؤيته وفرضها على الناس، من أجل هدف هو ونحن نعرفه.
لم تخرج الدولة علينا لتقول أنها لا تريد الإصلاح، حتى يسعى البعض للتصعيد والتوتير وإخراج الأمور عن سياقها الطبيعي.. حتى الدستور وضعه صاحب القرار على طاولة التعديل والإصلاح، وبقية القوانين في طريقها للبرلمان.
لماذا تُصرُّ بعض أجنحة الحركة الإسلامية التي نحترم ونجل مواقفها التاريخية في حماية استقرار البلاد في الماضي على التصعيد وتوتير الأجواء بل ومحاولة تفجيرها؟ وما مناسبة الفتاوى التي تقسم العرب إلى عربين، والناس إلى مؤمن وكافر؟ الأول في الجنة والثاني في النار!! وهنا نترحم على روحي الشيخين الجليلين محمد عبدالرحمن خليفة وأحمد الأزايدة وكل الشيوخ الذين رحلوا، الذين كانوا يضعون مصلحة البلاد والعباد والحركة قبل أي اعتبار، الأمر الذي اكسبهم احترام الجميع، وما زالت الفاتحة تتلى على أرواحهم آناء الليل وأطراف النهار.
مَن المستفيد من صرف المطالبة الشعبية عن مسارها الطبيعي، وجعلها تسير نحو التوتر والصدام؟ لماذا يبحث البعض عن لحظة صفر يستغلونها لتهديد حياة الناس واستقرارهم؟ لماذا تحمّل المطالب بالإصلاح أجندات ورؤى تخرج عن طبيعة شعبنا؟
لا أحد من أبناء هذا الوطن يريد تفجير الأمور، حتى يطل علينا البعض ويجعل نفسه وصياً على إرادتنا ومستقبلنا ومصيرنا.
ترى هل هؤلاء معجبون إلى هذا الحدّ بالنموذج السوري أو الليبي أو اليمني، الذي سمح للتدخل الاجنبي في البلاد ودفعه للكشف عن نواياه وأطماعه الحقيقية في بلاد العرب وبالتالي هدم البناء على اصحابه.
مِن حقنا على الحركة أن نعرف ما هو سبب هذه المقاطعة العدمية لكل فكرة حوار، حتى وصل الأمر إلى تذمر واضح من بقية أطياف المعارضة الأردنية التي بدأنا نسمع شكواها من تسلط الحركة على قرارها ومحاولتها فرض الرأي الذي تراه دون احترام الرأي الآخر.
لماذا نستغل أجواء الحرية في بلدنا بطريقة سيئة، مشوهة؟ ولماذا ندفع أصحاب القرار إلى الزاوية الحرجة؟ لقد شهدت البلاد خلال الشهور الماضية 1000 مسيرة واعتصام، على امتداد الأرض الأردنية، بأجواء ديمقراطية راقية يعبر المواطن فيها عن رأيه بكل حرية تحت حماية الأمن، حيث الكل مُجمع على الإصلاح ومحاربة الفساد.
ترى هل هذا الانسجام الشعبي والتناغم الواضح مع صاحب القرار في مسيرة الإصلاح أزعج البعض فبدأ يعمل على إخراج القطار عن سكته؟!..
إذا جرى غداً الاعتصام المفتوح الذي يهدد البعض به، في أي منطقة ذات حساسية في عمان، من يضمن لنا أو للداعين لهذا الاعتصام أن يدخل احدهم، سواء من داخل الحدود أو خارجها، إلى هذا الاعتصام ويفجر الأمور من الداخل، بكل سهولة ويسر، ويقوم بخلط الأوراق بالدماء؟ فنصل جميعنا إلى الحائط وساعتها لا ينفع الندم.
إننا لا ندعو فقط، بل نطالب الحركة الإسلامية بفتح الحوار مع الجميع، والسيطرة على بعض أبنائها، الذين يحاولون اختطاف كل شيء، حتى قرار الحركة لصالحهم، وكذلك الاصلاح، الذي أسّس له الشارع الأردني بكافة أطيافه السياسية والشعبية، حيث لا فضل بهذا الموضوع لأحد على أحد.
إننا نطالب شيوخ الحركة الذين لا نشكك بنواياهم الصادقة ابدا بأن يستردّوا زمام المبادرة، ويصدّوا كل محاولة مراهقة لدفع الحركة والشارع الأردني إلى طريق وعر معروفة نتائجه مسبقاً للجميع، حيث الخراب والتدمير.
عليهم أن يعيدوا للناس تلك الفكرة الطاهرة عن الحركة، التي كان يرددها الكبير قبل الصغير، بأن "الإخوان المسلمين" هم أحد صمّامات الأمان البارزة في استقرار البلد.
إننا نَدُبُّ الصوتَ.. ارحموا البلاد والعباد، واتركوا الناس تقرر كيف تتعامل مع ما تريد دون وصاية من أحد.
(الدستور)