اسئلة برسم القلق يطرحها كثيرون عن المستقبل الاردني في ظل صيف ساخن وغياب عقل استراتيجي جمعي لادارة الازمة التي بدأت تنحسر شعبيا, لكنها تأخذ شكل التركيز السياسي والمنهجي في الدعوات كل جمعة وبشكل خالٍ من الدسم الوطني ومكرور ويمكن تلخيصه بمطلبين: رحيل الحكومة وحل البرلمان.
المطلبان يفرضان اجندة واحدة قوامها الفراغ السياسي وعمادها النهاية المفتوحة لسيناريو سياسي يرغب في ادخال الاردن دوامة المطالب المكرورة ذاتها حتى نصل الى شعار «تسقط الحكومة القادمة» فالحراك بلا جدول سياسي ولا اجندة سوى مصطلحات كانت تغري الجميع وبدأت تفقد بريقها الشعبي من كثرة التكرار دون اية برامج او خريطة طريق.
الان ونحن على موسم صيف وسيّاح لا يجدون الا الاردن منفذا للتغلب على الحرارة والرطوبة السياسية والجوية في العالم العربي تختار التكوينات السياسية اماكن حساسة للتظاهر او الاعتصام وكأنها تريد فرض اجندتها قسرا على الاردن من خلال تضييق الافق الاقتصادي والاجتماعي وإفساد نجاحات محتملة على مساري الاقتصاد والسياسة رغم كل ما يمكن ان يقال عن البطء الرسمي والتداعيات البرلمانية الاخيرة التي سحبت من رصيد المجلس النيابي المحدود.
فحلّ الحكومة يعني ان لا سلطة تنفيذية ستقوم بتنفيذ مخرجات الحوار او التمهيد لمخرجات لجنة مراجعة الدستور بحجة انها مخرجات لحكومة سابقة وعلينا ان نبدأ من جديد, وحل البرلمان يعني ان تصدر القوانين الناظمة للحياة السياسية بشكل مؤقت وبالتالي المبرر موجود لرفضها والتظاهر من اجل اسقاطها, فهي جاءت بمعزل عن ارادة الشعب وقواه الحية التي تتظاهر بالمئات فقط وتريد احتكار القرار.
ما يجري يكشف ازمة قائمة منذ امد ولكنها مخبوءة تحت وهج صوت المعارضة المرتفع وتغيير الحكومات بسرعة البرق, فلا المعارضة انتجت برنامجا موازيا لبرامج الحكومة ولا الحكومة انهت عطاء طرحته او افتتح وزير مبنى وضع له حجر الاساس, فما ان تبدأ المعارضة في تهيئة ظروفها لمناكفة الحكومة برامجيا حتى ترحل وبالتالي بقيت المعارضة في اطار الصوت المرتفع والكليشيهات الثابتة ففقدت شرعيتها البرامجية وكذلك الحكومة ما ان تبدأ في اعداد ردود انجازية او برامجية على خطاب المعارضة حتى ترحل , فاكتفت بأن تتبادل مع المعارضة لعبة تقاذف التهم.
من هذا الباب تسلل الى الاردن نمط من المعارضة السوداوي وغير المألوف اردنيا, استغل الهوة بين الخطابين وانتج خطابا يغري بالانقلاب على سلوك المعارضة الحقيقي وعلى الحكومات ذاتها وبالمناسبة هو جيل ثالث من المعارضة ومن رحمها التقليدي كما هو من الجيل الثالث للوظيفة الحكومية والحكومة ومن رحمها ايضا, لكنه مثل الفيروس الذي تحوصل على الدواء القديم فبات محصنّا منه وبالتالي يجب اختراع دواء جديد لمعالجة اعراض وامراض هذا الفيروس.
من هنا على المعارضة ان تهدأ في موسم الصيف وتترك الصيف يمر بهدوء خاصة واننا على ابواب صيف سياحي مبشّر ومهرجان جرش العائد من جديد ورمضان الذي يحتاج الى استعدادات خاصة ليس للراحة بل لمراجعة المرحلة وانتاج خطاب جديد ضد السواد الجديد الذي يختار اعصابا حساسة لضربها وعلى الحكومة ان تبدأ بسرعة باجتراح حلول للازمات وابتكار مهارات حقيقية لا مقلدة او تسويفية ترفع منسوب الثقة بها والاهم الالتفات الى شباب جدد يقومون بأعمال وطنية لافتة وحقيقية يحاول قنّاصي المعارضة السوداء المهيمنة على نشاطاتهم وحراكهم.
omarkallab@yahoo.com
الدستور