في العام 1980 قرر المستشار النمساوي كرايسكي الاستجابة للمطالب الشعبية بالغاء كل المفاعلات النووية في البلاد التي كانت قد انجزت قبل عقود!!

كما قرر ايقاف مشاريع اخرى كانت قيد الانشاء، وقد كان هذا القرار الذي تم اتخاذه آنذاك في النمسا قد تزامن مع قرارات عديدة في كثير من البلدان الاوروبية بوقف الاعتماد على توليد الكهرباء من الطاقة الذرية، وخلال العقدين الماضيين جرى الغاء أكثر من 50 مفاعلاً في انحاء الولايات المتحدة الامريكية..

وصحيح ان كارثة تشيرنوبل في الاتحاد السوفياتي سابقاً كانت احدى الاثباتات العملية على عدم أمان هذه المفاعلات النووية، وان هنالك احتمالاً بنسبة ما يظل وارداً مهما كانت الاحتياطات والدقة البشرية، فالكمال في النهاية لله تعالى، وفي حالة المفاعلات النووية فان أي احتمال لو كان 1% أو واحدا بالألف يظل خطرا يتهدد حياة البشر.

وعلى سبيل المثال لا نشكك أبداً في التقدم العلمي والانضباط عند عدونا الصهيوني، ومع ذلك تعترينا جميعاً شكوك أن هنالك تسربا نوويا من مفاعل ديمونا يصل للأردن، ويقول بعض المتابعين أن آثاره تظهر عندنا أحياناً مع بعد مئات الكليومترات بالرغم من أن المختصين يقولون ان التسرب النووي يهدد الحياة في نطاق دائرة قطرها 40 كليومتراً وربما 50 كليومتراً، لكن في حالة تشيرنوبل أفادت دراسات على تضرر الحياة الانسانية وللزراعة وللبيئة في مساحات تتعدى 20كم.

المهم اليوم، وابتداء من المانيا هنالك تجميد لكل المفاعلات خاصة بعد تسبب الزلزال في اليابان باصابة احد مفاعلاتها باضرار مما فتح عيون العالم مجددا على خطر اقتناء مفاعل نووي حتى في بلد مثل اليابان هي الاولى عالميا من حيث الدقة والكفاءة البشرية.

نعود الى الاردن ونقول لاخواننا الذين لا زالوا يتمسكون باقامة مفاعل نووي لتوليد الكهرباء بادعاء ان ذلك قد تكون له فوائد بمعزل حتى عن المخاطر التي يجمع عليها العالم ولكن الكلفة العالية لهذا المشروع لا تتوازى مع مردوده على فرضية صحة التوقع بان هذا المفاعل سيوفر 20% من الطاقة الكهربائية، فما الذي يجعلنا ندفع 15 مليار دولار مرشحة لان تتضاعف لان نوجد طاقة كهربائية بكل هذه الكلفة العالية؟، واين المصلحة الوطنية بان تتضاعف المديونية الاردنية لتصبح 30 مليون دولار او اكثر!!

ان المشروع المقترح عجيب وغريب فكل مشاريع الطاقة النووية في العالم اقيمت على شواطئ بحار او بحيرات كبرى او انهار كبيرة لان اي مفاعل يحتاج الى كميات مياه نقية لا مجال للحصول عليها الا من خلال بحار او بحيرات او انهار، ولذلك كل المشاريع راعت هذه الناحية، اما فكرة الذين يتولون مشروعنا النووي فقد بنيت على اساس اقامة هذا المشروع النووي على مياه عادمة اي تجمع مياه المجاري في الخربة السمرا وتلك مفارقة عجيبة، والمبدأ ايضا يفرض علينا تجنب هكذا مغامرة التي لا نرى لها اي مبرر.

rakan1m@yahoo.com

الدستور