سيدي الشيخ .. سامحك الله !!
أ.د عمر الحضرمي
10-07-2011 09:10 PM
سيدي الشيخ المحترم حمزة منصور، أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، قرأت قبل أيام أنك قد قلت لقناة "العالم" الإيرانية "إن الهدف من التعاون الأردني السعودي محاصرة الثورات العربية". ويقول الخبر إنك قد صرّحت بأن ما يجري في الدول العربية من حراك شعبي، ومن المطالبة بالإصلاح والتغيير، مُقلق للأنظمة العربية ومنها النظام السعودي، ولذلك جاءت الدعوة إلى انضمام الأردن لعضوية مجلس التعاون الخليجي".
أنت تعلم، يا سيدي الشيخ المحترم، أن السعودية، وهي بلد المقدسات، دولة عروبية إسلامية بمقاييس لا تعد ولا تُحصى وأنت تعلم أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز قد وضع المملكة العربية السعودية الشقيقة على مسار التطور والنمو، وأنه جعل من المجتمع السعودي مجتمعاً متصالحاً مع نفسه ومع قيادته ومع مبادئه وقيمه. وأنه ملكٌ "قومي" بكل ما في هذا المصطلح من معاني وأبعاد واستحقاقات والتزامات وتضحيات وتقديم العمل الجمعي العربي على المصلحة القطرية لبلده.
سيدي الشيخ،
لم نشهد، منذ أن تولى الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحكم، وقبله أخوة له، أن السعودية كانت قلقة من أي حراك شعبي فيها أو في غيرها. ولو خَبِرْتها تماماً، يا سيدي الشيخ، ولو عشت فيها وكنت على قربٍ من نبض الشارع السعودي ومن رصد العلاقة بين الملك أو الأمير أو المسؤول وبين الناس، لوجدت أنها دولة تحترم نفسها، وتحرص على أن لا يُسجَّل عليها، من قريب أو بعيد، أي تقصير بواجب، كما أنها لم تُدر ظهرها، في يوم من الأيام، لأية حركة إصلاحية داخلية. فمن أين أتيت بمقولتك هذه يا سيدي الشيخ.
سيدي الشيخ
أما الأردن، فأنت تعرف (ولكن لا أدري كيف سقطت في هذا الزلل) أنه بلد قام على قياسات العقد الاجتماعي بين الهاشميين وبين رجال الأردن. هذا العقد الذي حفظ لطرفيه كل الحقوق، فشكّل حالة من الرضا الحر غير المسبوق، إلا في دول الحضارة والثقافة والتقدم والتطور. وأنت تعرف، يا سيدي الشيخ الجليل، أننا في الأردن قيادة وشعباً وجيشاً لم نكن إلا خدماً للعروبة مناصرين لها، مُدافعين عنها، خائفين عليها، حاملين همومها، راصدين لها كل ما نملك، غير قابلين لها بالدنيّة، وهذا ليس ما نقوله نحن، ولكن هذا ما يقوله كل العرب والمسلمين والعالم. وأنت تعلم أن نظامنا السياسي، منذ نشأة الدولة، وهو يعمل جاهداً على إنجاز مستحقات الأمانة التي أُلقيت على عاتقه، لذلك لم يُهادن، ولم يتنازل ولم يُساوم، وبقي صامداً في وجه الكثير من المؤامرات والاستهدافات التي قصدت وأرادت زواله.
وأنت تعلم، يا سيدي الشيخ الموقر، أن الأردن لم يتردد في يوم من الأيام عن مواجهة التحديات التي تعترض الناس، فبات الملك مسكوناً بالمواطن، وبات المواطن مسكوناً بالملك في ضميره ووجدانه. ولذلك فإن جلالة الملك، منذ تسلّمه القيادة وهو لا يترك فرصة ولا يُغادر شاردة ولا واردة إلا ويدعو إلى الإصلاح، ومكافحة الفساد، وإحقاق الحق، ولعله أول مسؤول عربي (إن لم يكن الوحيد) الذي حمل راية دعم الشباب وضرورة إدخالهم في رحم الأمة، ودافع عنهم وتبنى كل قضاياهم وطالب إشراكهم في كل الحوارات والقرارات.
يا سيدي الشيخ المحترم، الأردن والسعودية بلدان يجمع بينهما الاحترام لشعبيهما، وتتماهيان في الصِّدْقِية والحرص على بناء مجتمعات حرة أصيلة مرتكزة على المساواة والعدالة في توزيع القيم السلطوية. وكان كلاهما يدعوان جميع الأنظمة السياسية العربية إلى العمل على الإصلاح والتطور والنماء، لذلك لن يكونا ضد ذلك في بلديهما، ولكن ربما غاب عنك ذلك.
سيدي الشيخ،
أظن أن ما قُلتَ هو زلّة لسان، أو خطأ في التعبير، ولكن ما يُزعج أن الخبر المنشور على بعض المواقع الإلكترونية مستمر منذ أيام، فلم تنفه ولم تستنكره حتى ولم توضحه. فإن كان قصدك ما قلت فأنت مخطئ. والله يُحب أن يتوب العبد إليه، فهو يحب الخطائين التوابين، وأدعو الله أن يُلهمنا الصواب، لنقول في حق بلدنا، الذي لم يكن في يوم من الأيام، إلا حضناً دافئاً ملأه الهاشميون بالمحبة، لنقول كلمة سواء صالحة، مؤمنة، لأننا سنكون يا سيدي الشيخ مسؤولين عنها أمام الله جلت قدرته وأمام الناس. ومع كل ذلك أظنك يا سيدي لم تقصد ما قلت.
سيدي الشيخ
إن انضمام الأردن إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي، قائم على مرتكزين مهمين؛ أولهما أن دول المجلس، كبقية الدول العربية، ترى في الأردن والاقتراب منه والتنسيق معه مصدر قوة لها. وثانيهما، أن الأردن، منذ نشأ، وهو يدعو إلى الوحدة وضم الصفوف، ورأى في ذلك السبيل الوحيد لحماية الأمة ومكتسباتها. فيا سيدي الشيخ، إن ما قلت فيه كل التجني وكل الخروج عن جادة الصواب وكل الخطأ. لم يكن الأردن، ولم تكن السعودية في يوم من الأيام على الصورة التي وصفتها أمام جهات لا أظن أنك تتفق معها على مدارك الفهم ال مطلق هذا، ولا تتوافق معها على التهجم على بلديك الأردن والسعودية بهذه الصورة غير المقبولة لا بحق فكرك ولا بحق البلدين الشقيقين اللذين قيل أنك ذكرتهما.
سيدي الشيخ،
سامحك الله وغفر لنا ولك، فلنتق الله ببلدنا وبالأشقاء العرب والمسلمين، وأنت خير من يعلم الآخرين كيف يُصيغون قولة الحق.