أكل العنب وليس قتل الناطور
سميح المعايطة
10-07-2011 05:15 AM
قبل أيام كتب الزميل باسم سكجها مقالا اعتبر فيه أن الاجواء مكتظة بالمزايدات، وأننا جميعا في السلطة والمعارضة وكل الجهات الأخرى نمارس إطلاق المزايدات. وهو رأي تجد له انصارا كثيرين من الذين يرون أن جزءا مما يقال في أجوائنا ليس واقعيا، ويأتي من باب تسجيل الحضور وإظهار أنفسهم بأنهم إصلاحيون.
وانطلاقا من حالة الغضب لدى البعض أو حالة الإحباط لدى آخرين، والأهم من حالة الحرص والغيرة على الأردن في زحمة الأثمان الباهظة التي دفعتها وماتزال كل دول الربيع العربي، بما فيها التي تخلصت من انظمتها القمعية، انطلاقا من كل هذا فإننا في الاردن محتاجون لامتلاك منطلق واحد ومنهجية واحدة تقيم الأمور وفق معيار الإنجاز الذي نريد وليس التعامل مع المرحلة على أنها موسم سياسي على كل من يقدر أن يحصد منه ما يستطيع.
النوايا حسنة ووطنية لدى الجميع، لكننا نريد أن نقرن بين ما نحمل جميعا من نوايا وعمل صالح إيجابي منتج، ولهذا فإننا يجب أن نحدد أهدافنا ومعيار التقييم على النحو التالي:
* نريد إنجاز تشريعات توافقية متقدمة على صعيد قانوني الانتخاب والأحزاب، وقد قطعنا شوطا كبيرا من خلال وثيقة لجنة الحوار التي على الحكومة تحويلها إلى مشاريع قوانين، ثم سيتم إرسالها الى مجلس الامة في دورة استثنائية هذا الصيف كما أعلن الملك.
* انجاز تعديلات دستورية تزيد من قوة المؤسسات الدستورية من برلمان وحكومة وتعزز أدوارها. وهذا الأمر يتم العمل عليه من قبل لجنة ملكية خاصة، وستكون هذه التعديلات مع التشريعات على جدول مجلس الأمة. وهذا ما اعلنه الملك أيضا.
ما دام هذا هو السيناريو الواضح؛ فلماذا يصر البعض على بعث أجواء ضبابية وكأننا نبدأ من الصفر، علما بأن هذا المسار الذي طالبت به كل القوى يتم تنفيذه.
أما مجلس النواب، وبغض النظر عن تقييمنا لأدائه ورضانا عنه، فإن المطالبة بحله الآن أمر غير مفهوم، لأن كل من يريد إصلاحا دستوريا يعلم أن وجود مجلس الأمة ضروري، ولهذا علينا أن نتعامل مع الأمر وفق مصلحة الإصلاح التي تقتضي استقرارا في المؤسسات إلى حين إنجاز التشريعات وتعديل الدستور، لكن البعض ينسى أولوية الإصلاح ويتحرك بدافع رغبته في انتخابات مبكرة، حتى لو كان هذا على حساب إنجاز الإصلاح الدستوري.
وبعيدا عن كل الصخب والأصوات المتناثرة هنا وهناك، فإن كل حريص على إنجاز إصلاح تشريعي ودستوري يجب أن يعطي للمسار الحالي فرصته التي لن تزيد على أشهر أو أسابيع قليلة، وبعدها نعود لتقييم الأمر، فنحن نريد أكل العنب وليس قتل الناطور، والعنب الذي طالب به الجميع واضح ويجب ان نعطيه وقته، وهو إنجاز قانوني الأحزاب والانتخاب والتعديلات الدستورية التي تحتاج إلى وجود مجلس الأمة. وبعد ذلك سيكون طبيعيا أن نناقش المرحلة التي تليها من انتخابات مبكرة أو حكومة جديدة وغيرها من الملفات.
الحفاظ على الاستقرار السياسي وإغلاق الباب أمام أي خطوات قد تعكر صفو المسار العام للدولة، ضرورة لنعطي لخطواتنا التي طالبنا بها، ويسير العمل لإنجازها فرصتها لتتحول إلى واقع، إلا إذا كان البعض يفكر بطريقة مختلفة.
الغد