ابو طير يكتب : غمزات ارحيل الغرايبة !!
ماهر ابو طير
07-07-2011 08:13 PM
ارحيل الغرايبة سياسي لايمكن الطعن في صدقيته، ولا في التزامه العام والشخصي، واحترام الناس له، غير ان سياسياً اسلامياً من طرازه اذ يتحدث،فعليه ان يتوقع ردود فعل مؤيدة ورافضة ايضاً لما يقوله احياناً، والذي يعرفه يقر بسعة صدره وصبره.
لم تعجبني مقالته السبت الماضي،وهذا حقي،مثلما لاتعجبه مقالات لي،وفي مطالعته تلك يغمز من قناة الديوان الملكي بشكل واضح،ومن علاقة الملك بالناس،وقصة طرود الخير،وتوزيع المساعدات،معتبراً،ان لا مال شخصياً للملك،يوزعه يميناً وشمالا.
هذا معنى كلامه،بل يذهب بعيداً للقول ان هذا النوع من العلاقات يرتد قبحاً على صاحبه،قاصداً الملك بشكل واضح،وتحمل مقالته اشارات ناقدة كثيرة لعلاقة الديوان الملكي بالناس،وان لم يسم الاشياء،باسمها،متوارياً خلف الكلام،تاركاً الامر لذكاء القارئ.
يعتبر ارحيل الغرايبة ان العمل الخيري هو للجميعات الخيرية فقط،وانه لايصح لرأس الدولة ان ينافس الجمعيات،وان تدخل الدولة في سباق،مع جمعية المركز الاسلامي الخيرية،وان لم يسمها بالاسم.
اتفق معه في نقطة اساسية واحدة،تتعلق بوجود تقصير كبير من الحكومات تجاه الناس،التي تركت شعبنا للفقر ومد اليد والبطالة والحاجة،وكان الاولى ان يتم تأمين احتياجات الناس،بدلا من انتظارهم لحلول من هنا وهناك.
بداية،الملك والمؤسسة لاتدخل في منافسة مع اي جمعية خيرية،والدولة ذاتها هي التي رخصت الجمعية لهذه الغاية،فكيف تدخل الدولة في منافسة،مع مؤسسة منحتها رخصتها اساساً،وسمحت بتدفق المال اليها،وتوزيعه طوال عقود؟!.
هذه مملكة عربية مشرقية اسلامية،ولها خصوصيتها،وهي خصوصية مستمدة من طبيعة الذهنية العربية،التي تعتبر الحاكم اباً عليه ان يتفقد شعبه،ويغطي النقص،والملك اذ ساعد اعدادا لاتعد، سار على نهج الاباء والاجداد، وصولا الى"هاشم" الجد ودلالته التاريخية.
الملك لايمن على الناس،وقد حيّرنا مؤسسة الديوان الملكي،فلو قال الديوان اننا لانريد دولة ابوية رعوية، لقيل له انه انقلب على شعبه، واغلق الابواب،ولو قال اننا نريد دولة مؤسسات وقوانين وتعليمات، لقيل له مازلنا بحاجة الى وقت طويل حتى نصل الى هذه المرحلة فلماذا تتخلون عن دوركم تجاه الناس حتى نصل الى هذه المرحلة؟!.
لو قال الديوان الملكي انه يريد مساعدة الناس وتعليمهم ورفع مظالمهم،ومساعدتهم مالياً وترميم بيوتهم وبناء بيوت الى آخر كل هذه النشاطات،لقيل لها انكم تمارسون نمطا فوقياً مذلا يدل على تركيع الشعب وايقافه في طوابير الاستدعاءات امام باب رغدان.
المشكلة ليست ايضاً في التوصيف الوظيفي لعلاقة الملك بالناس،والديوان الملكي بالناس،اذ لو التزم الديوان الملكي بما يريده ارحيل الغرايبة،لضج آخرون،لايريدون نمطية العلاقة التي يريدها الغرايبة،اذ ان الناس جزء من الصورة،والناس يحبون ان يصلهم الملك ويتفقدهم،ويرعى ايتامهم،ويّعلم اولادهم،حتى لو توفرت بدائل اقرب الى "النمطية" التي يريدها الغرايبة.
الملك لم يقل انه يساعد احداً من جيبه،ولم يقل ان هذا المال ماله،وهناك موازنة للديوان الملكي،معلنة في الموازنة العامة،يتم الانفاق منها،على كل هذه الانماط الخيرية،التي يريدها الناس،قبل الحاكم.
الذي يرتد قبحاً على صاحبه،هو التعامل مع خصوصية الناس هنا،باعتبارهم من الانجلو او الفرنسيين،لان الذهنية العربية التي تحكم الناس،قائمة على فكرة ابوية الحاكم اولا،والذي يريد للحاكم ان يتغير عليه ان يطلب من الناس ان يتغيروا ايضاً.
حتى نصل الى الدولة التي تؤّمن كل حقوق الناس،من علاج وتعليم وتغطية حاجات الفقراء،وهذا مااتفق به مع العزيز ارحيل الغرايبة،علينا ان نديم علاقة الملك مع الناس،وان تبقى العلاقة ابوية،في بلد عربي مشرقي،لايحتمل ذهنية اهالي بروكسل.
مااسهل الكلام،وتوزيع النصائح،ومااصعب الواقع وتعقيداته.
(الدستور)