"اعادة النظر" في "منظوماتنا" الفكرية الدفاعية
فيصل تايه
19-04-2025 12:36 PM
من الواضح ان "الشطط التامري" المبني على تفسيرات غوغائية شاذة ، فخَّخت عقول بعض شبابنا بانزلاقات وافكار وعقائد تدميريه، ودفعتهم للسقوط المريع بغباء ، وزجهم في عصابة كهنوتية انقلابية تقوم على مسخ العقول وحشوها بالخرافات والأفكار الدخيلة ظناً منهم أنهم يتقربون الى دينهم وعقيدتهم نصرة لقضايا بلدهم وامتهم ! فهل بات مجتمعنا "الموحد" الهوى والهوية "مجتمع مخترق" بسبب نتوء خطاب بعض من جعلوا الدين وسيلة هيمنة عقلية وغسل أدمغة !؟ .
يجب ان نعي ان كل من يسقط في أيديولوجيا التآمر من ابائنا الشباب ، مغاضباً مجتمعه ، ومعادياً الحياة والعيش الكريم ، هو دلالة على قصور في منظومة دفاعاتنا الدينية والتربوية والثقافية والفكرية ، التي غفلت في افتكاكه من أئمة الكراهية والعدوان الذين يدركون أن أكبر نقاط ضعف الشباب تكمن في عاطفتهم الجياشة ، فيكبونهم بها على وجوههم في نيران التعصب والتشدد ! .
ثم ان العقول "الضحلة" قليلة الاطلاع وعديمة الخبرة وضئيلة المعرفة هي أكثر الأماكن ملاءمة لزراعة التطرف ، فعندما يُلقي سادتهم وكبراؤهم في "روعهم" أن العالم كله يتبذهم ويكرههم ، ويناصب دينهم العداء ، وأن أهلهم وذويهم وجنود بلادهم أعداء يجب قتلهم، فإنهم لا يضلونهم السبيل فقط ، بل ويدفعونهم قسراً إلى حقول ألغام لا عودة منها أحياء !
ولأن العقول المنغلقة لا يمكن فك تلافيفها المتكلسة إلا بالقراءة والتفكير والاطلاع فلا بد من تعزيز منظومة دفاعاتنا الفكرية والتربوية بمشروع تنوير حقيقي، يقوم على الأمر الرباني "اقرأ"من أجل رد الاعتبار للعقل ، وفتح مساماته التي عانت من التحلّق المنغلق حول خطاب متشنج يحرّم السؤال والنقاش والتفكير ، مقابل الإيغال في الحكاية والسرد العاطفي ـ و(الوصاية) التي تؤسس للجهل المقدس الذي يعتبر العدو الأكبر للدين الحق.
من وجهة نظري فان العقول المفخخة بقداسة الأشخاص والجماعات أكثر خطورة من الأحزمة الناسفة ، ولا يبطل مفعول هذه العقول المأخوذة بثقافة البطل سوى التنوير والاطلاع اللامحدود ، الذي من شأنه إخراجها من ضيق تقديس الأشخاص والجماعات الى رحابة الفكر الإسلامي ، ومن كاريزما الانتقام والقتل إلى كاريزما العقل ، فهل نعيد النظر في ثغرات منظوماتنا الفكرية والتربوية الدفاعية ؟!
انا اقول .. اننا وفي هذه الأيام نحتاج من المؤسسة الدينية تجديد خطابها الديني والعمل على إحياء أركانه ، فديننا الإسلامي ، هو دين العقلانية والبحث والاقتناع ، وهو دين يدعو إلى الحوار والانفتاح، وهو دين لا يختص بفئة منعزلة متعصبة ، ويؤكد ذلك قول الرسول العظيم (ص): (من تعصب أو تُعصب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه) ، وقوله أيضا (ص): (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية).
ولا أقول ان ذلك يتم من خلال المؤسسة الدينية فحسب، بل يتحمل العبئ معها مؤسسة التربية والتعليم والمفكرون والمثقفون والمبدعون والمعنيون بثقافة الإنسان وتعليمه وتوجيهه والحفاظ على عقله وكرامته فى شتى المجالات سواء أكانوا أفرادًا أو مؤسسات، من اجل ترسيخ قواعد بناء الإنسان ، وأنه بتحقيق هذا الأمر سنصل الى المنهج المستنير والمشرب الوسطى الذى يعمر ولا يدمر ويبنى ولا يهدم، ويجعل محور اهتمامه بناء الإنسان من حيث عبادة الله، وعمارة الكون، وتزكية النفس.
والله من وراء القصد