جيوب الفقر وفانتازيا الانفاق في الارن
نائل العدوان
06-07-2011 09:43 PM
في بيان صحفي خلال الاسبوع الماضي أعلن رئيس غرفة تجارة الاردن ان تكلفة مهرجان العقبة السياحي المزمع عقده في شهر أيلول لهذا العام ستصل إلى مليون دينار أردني ، وسيكون بالتعاون مع وزارة السياحة ، وقد افاد ان المهرجان سيتضمن مسابقات بحرية وعرض ليزر وما إلى ذلك من مسابقات الكنز المفقود وتخصيص 10 الآف دولار جائزة لأفضل صورة للعقبة ، إضافة إلى نصب عشر خيم لألعاب السيرك في مختلف مناطق العقبة ..الخ من الرفاهيات لمشتركي المهرجان الأجانب التي يتمنى كل مواطن أردني مجرد مشاهدتها.
مليون دينار أردني ستنفق على استضافة 500 شخصية من العالم لجذب السياحة إلى منطقة العقبة التي تبلغ نسبة الفقر فيها 11.8% من عدد السكان ،وبمعنى أخر فان هناك سته عشر الف فردا في محافظة العقبة يرزحون تحت خط الفقر المطلق البالغ 680 دينار سنويا ، و 1440 فردا تحت خط فقر الغذاء (المدقع). و في قضاء وادي عربة لوحده يوجد 4492 فردا فقيرا من أصل 6481 فردا هم عدد سكان وادي عربه ، أي إن نسبة جيوب الفقر وصلت في وادي عربه إلى 70% من أصل السكان وهي أعلى نسبة للفقر في محافظات المملكة. سيقام المهرجان كغيرة من المهرجانات الدراميه وسيفرح المشاركون بفعالياته المتنوعة أمام مرأى هؤلاء الفقراء دون ان يطالوا شيئا منه ، بل على العكس سيزيدهم فقرا فوق فقرهم وسنتحدث مستقبلا عن جيوب فقر تتسع كالوباء دون إيجاد حلول ناجعة ونهائيةلها .
وبغض النظر عن الجهات الممولة للمهرجان السابق أكانت حكومية ام خاصة فان مهرجانا بهذه الميزانية الضخمة لغرض جذب السياحة وللترفيه عن المشاركين الأجانب اذا لم يرافقه ازدهار للتنمية المحلية وزيادة رفاه اهل المنطقة هو استنزاف لموارد اقتصادية وطنية وتوزيع غير عادل للدخل على حساب المواطن الذي يئن تحت وطأة الفقر والعوز .
إن فانتازيا التخبط في الإنفاق تدعو للحيرة والتأمل بحجم الهوة وعدم الواقعية التي نعيشها في الاردن في التعامل مع قضايانا الملحة ، فما هي النتيجة المتوخاه اصلا عند إنشاء أي مشروع بملايين الدولارات على شاطئ العقبة، وما الهدف اصلا من إقامة مهرجان لزيادة عدد السياح ؟، اليس هو زيادة عوائد التنمية؟ وزيادة إيرادات البلد وتحسين معيشة المواطن بالمحصلة ، فإذا كان ذلك، فالاجدر هو توجيه كل قرش احمر لهذه الغاية والأولى هي مصلحة المواطن الاردني قبل المستثمر الاجنبي ، بالاضافة الى حل مشاكل الفقر القائمة في المحافظات وتوزيع عوائد التنمية بشكل عادل تضمن ان ينال الستة عشر الف فقيرا في محافظة العقبة فرصتهم في العمل وكسب الرزق والحياة في مجتمع مدني يقيم مهرجانات خرافية بملايين الدولارات على أمل جذب للسياحة.
إذا كانت هنالك جدية لدى الحكومة في تخفيض جيوب الفقر في المحافظات ، فان الحل السحري هو استهداف المواطن الفقير وذلك عن طريق توفير التمويل الكافي له لإنشاء مشروع صغير تدريب على مهارات العمل المرتبطة بمشروعة ومتابعة حثيثة له تضمن الاستمرارية والديمومة لهذا المشروع ، والذي سيدر عليه دخلا منتظما يخرجه وعائلته من خط الفقر ، وهذا لا بد ان يرافقه تعاونا من القطاع الخاص ودعما من كافة الجهات المعنية بمكافحة ظاهرتي الفقر والبطالة .
naeladwan@gmail.com