بصدور الارادة الملكية السامية بحل مجلس النواب واجراء الانتخابات النيابية وفق أحكام القانون ، يدخل الأردن مرحلة جديدة من الحراك الذي سيبث نشاطا في حياتنا السياسية ويخرجها من حالة السبات التي هيمنت عليها في الحقبة الماضية.لقد قطع قرار الملك أمس الشك باليقين في موضوع الانتخابات النيابية ، ورغم أن جلالته كرر القول وبأوضح لغة عدة مرات وفي الشهور الماضية أن هذا العام سيشهد انتخابات بلدية ونيابية ، الا ان «المحللين» و «المطلعين» بقوا الى ما قبل صدور الارادة الملكية بساعات يخرجون علينا بنظريات شتى ، مثل احتمال التمديد لمجلس النواب وتأجيل اجراء الانتخابات سنة او سنتين.
لقد انتصر الملك بقراره أمس الى الاستحقاقات الدستورية التي تميز الاردن عن غيره من الدول.. فبلدنا والحمد لله بلد المؤسسات الراسخة والمرجعيات الدستورية التي تؤخذ فيها القرارات وفق أحكام القانون.. ومن كانوا يتحدثون عن احتمال التمديد للمجلس الحالي أو تأجيل الانتخابات علهم لم يقرأوا جيدا فلسفة الملك عبدالله الثاني في الحكم التي تقوم على أساس احترام المؤسسات ودعمها لتقوم بدورها وتؤدي الواجب المنوط بها.
اننا نودع اليوم مجلس النواب الرابع عشر بما له وما عليه ، وقد يقول كثيرون أن ما عليه أكثر بكثير مما له ، فقد أخذ على المجلس المنحل قيامه بعرقلة بعض مشاريع القوانين الاصلاحية ، واتخاذ القرارات بدواعي المناكفة السياسية والدخول في صراعات مع الصحافة وبعض قوى المجتمع الأخرى ، بالاضافة الى افراط النواب في السفر خارج الوطن على حساب الخزينة في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التي نعرفها جميعا.
على العموم لا يجوز الآن الامعان في انتقاد ذلك المجلس فهذا ليس من الفروسية في شيء ، فلقد أصبح ملك التاريخ.. والمهم الآن هو كيف يقوم المواطنون بأدوارهم في الترشيح والانتخاب بحيث يكون مجلس النواب الخامس عشر أفضل من سابقه.. وقد قيل سابقا من لا يخطىء لا يتعلم.. والمهم هو الا نكرر الخطأ وأن نتعظ من التجربة بحيث يكون نوابنا القادمون أشدنا حرصا على المصلحة العامة وأكثرنا احتراما للدستور.
فالنائب الذي نريد هو ذلك الذي يوازن بين القوة والعدل والمهابة والرفق.. وليس هذا بالأمر الصعب ، فالكفاءات المؤهلة موجودة ، وعلينا فقط أن نحكم ضمائرنا وان نختار الأصلح والاكفأ ومن نتوسم فيهم الخير.
كما وضع القرار الملكي الحكومة والقوى السياسية والاحزاب أمام مسؤولياتها.. فأوضاع المنطقة لا تحتمل الدخول في مناكفات سياسية ومزايدات ، ويجب أن يكون هاجس الجميع خدمة الاردن وتحصينه ضد التحديات والأخطار بمزيد من الوعي والوحدة والتماسك والارتقاء فوق الصغائر والحسابات السياسية الطارئة.
هذا يوم مشهود في التاريخ السياسي للأردن.. وقد وعد جلالة الملك فأوفى.. وبقي ان تقوم جميع القوى السياسية بواجباتها وتنفذ وعدها للوطن باخلاص النية للعمل من أجل أردن مستقر راسخ مزدهر ، فهل تراها فاعلة؟
(الدستور).