facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هوية الإنسان الأردني .. نسيج يصون الدولة ويصمد أمام العواصف


د. جاسر خلف محاسنه
11-04-2025 07:09 PM

في زمن التغيّر المتسارع، تُصبح الأسئلة حول الهوية أكثر إلحاحًا من أي وقتٍ مضى. من نحن؟ وما الذي يجعلنا أردنيين بالمعنى الأعمق؟ لعلّ الإجابة لا تكمن في بطاقات التعريف الرسمية، بل في جذرٍ إنساني وثقافي عميق، تشكّل على مدى قرنٍ من التحديات، والتنوع، والشراكة.

الهوية الأردنية ليست حالة جامدة، بل مسارٌ تشكّل بفعل الجغرافيا، واللجوء، والانتماء الطوعي. تشبه جذور السنديان في جبال جرش وعجلون: ثابتة، صامتة، ولكنها تُقاوم العواصف بقوة المعنى لا بالضجيج. إنها هوية بُنيت على الالتزام الأخلاقي، على ميثاق غير مكتوب بين الناس والدولة، مفاده أن الكرامة والعدالة والانتماء ليست تفضّلًا من أحد، بل حقّ للجميع.

النسيج الوطني الأردني هو أعظم ما نملك. من السلط إلى معان، من الرمثا إلى الكرك، من الزرقاء إلى جرش، ومن البوادي إلى المخيمات، لم يكن هذا الوطن مساحةً جغرافية فقط، بل مشروعًا إنسانيًا جمع أبناءه على قاعدة "نكون معًا أو لا نكون". هذا التنوع لم يكن عبئًا يومًا، بل كان مصدر قوّة، متى ما استُثمر بالعدل والرؤية الواضحة.

اليوم، ومع ما نواجهه من تحديات اقتصادية وضغوط اجتماعية وتغيرات ثقافية عميقة، تبرز الحاجة إلى التمسّك بهذا النسيج لا بشكله فقط، بل بمضمونه. الهويات ليست رخص إقامة سياسية، بل منظومة قيم. وهي لا تتماسك عبر الشعارات، بل عبر السياسات التي تنصف، والمؤسسات التي تُصغي، والمواطن الذي يشعر أن له مكانًا لا يُنتزع.

الخطر الحقيقي لا يكمن في العواصف الخارجية فحسب، بل في تآكل الإيمان الداخلي بجدوى البقاء معًا. لذا، فإن معركتنا اليوم هي معركة وعي، ومعركة سردية. أن نُعيد بناء الثقة، ونُجدّد العقد الوطني، ونضع الإنسان الأردني – من كل المنابت – في قلب المشروع الوطني الجديد.

الهوية الأردنية لم تُمنح لنا، بل صيغت بأيدي الناس، وبصبرهم، وبنبلهم. وهي اليوم بحاجة إلى حمايةٍ واعية، لا بالبكاء على الماضي، بل بصناعة مستقبلٍ يُعبّر عنها. فحين نحفظ نسيجنا، نحفظ دولتنا. وحين نُحسن إدارة اختلافاتنا، نُرسّخ وحدتنا. وحين نستثمر في الإنسان، نؤمّن بقاء الوطن.

فليكن هذا العهد الجديد: هوية حيّة، نسيجٌ لا يُفتت، ووطنٌ لا تقتلع جذوره عواصف العالم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :