كنت ارقب المشهد الذي تدحرجت به الأمور الى التهكم على الجيش العربي والمخابرات في الدولة الأردنية العتيدة، وكنت اعتقد ان المدافعين عن الأردن سيكونون في اليوم التالي كثر، في كل وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والرقمية، الا ان المفاجأة انني لم اجد احد يدافع عن الأردن الا نفر قليل دافع على استحياء، وكأن الامر لا يعنيهم، اذ كيف يشتم الجيش العربي من شرذمة قليلة من الساكنين في هذا الوطن، وتسير الحياة في اليوم التالي بشكل اعتيادي، وكأن شيئا لم يكن، الا من خبر صغير يقول لقد تم اعتقال الشخصين الذين قادا المظاهرة، وجاري التحقيق معهم، وكأن المظاهرة كانت مكونة من شخصين فقط، ونسينا المئات او ربما الالاف التي رددت الشعارات المسيئة، وهي الحاضنة الشعبية لهؤلاء السكان الذين يناصبون العداء للدولة والجيش والأجهزة الأمنية.
تفكرت كثيرا بإحجام النخبة السياسية والكتاب لعدم الاندفاع لتحليل تلك الظاهرة المسيئة، وما هي الأسباب التي دفعت بمئات الوزراء السابقين والاعيان والنواب الموجودين على الساحة الأردنية بالاختباء خلف اصابعهم، واعتبار هذه المظاهرات شيئا لا يعنيهم، ووجدت بعد التفكير ان هذه النخبة قد واجهت الصمت، لأنها امام خيارين لا ثالث لهما، فان كتبت ودافعت وفسرت وفندت ما حصل ووصلت الى عمق الأشياء، فسوف تتهم بتخريب الوحدة الوطنية، وهذا شعار اصبح موجودا يحد من مناصرة الدولة، لأنك ستقع تحت طائلة الجرائم الالكترونية بما يسمى بإشعال الفتنة وبث النعارات العنصرية، وان نجوت من هذه الاوصاف الرسمية لن تنجو من التعليقات الاجتماعية بأن مناصري الدولة هم مجموعة من " السحيجة "، وان صمتت تلك النخبة وآثرت بلع الإهانة الوطنية اتهمت بانها تشارك في المكاسب والغنائم، وتهرب وقت الحاجة، فأثرت الأغلبية الصمت على الدخول في مناصرة الدولة والتي وكأنما لا تريد من يناصرها، وبقيت المرارة في الحلق تعتصر الاحرار الذين يستشعرون طعم الإهانة في اقدس مؤسساتهم التي تحميهم من غدر الخونة سكان الداخل والعملاء والمرتزقة، ومن بطش أعداء الخارج المتربصين بالأردن شرا.
حتى ان الأردني اليوم كان متأرجحا بين ان يقف ضد العصيان المدني والاضراب، خدمة لتوجهات الدولة الرافضة للإملاءات الخارجية من تنظيمات لا تريد للأردن الخير، وبين تنفيذ الاضراب الذي ليس معروفا نواياه، كل ذلك مرده ان النخبة السياسية والمفكرين وأساتذة الجامعات لا زالوا لا يجدون حاضنة في الدولة تحميهم من القوانين الموضوعة لعدم حماية الأردن والدفاع عنه بحجة التسامح الاجتماعي وبين مرتزقة عاثوا فسادا في الوطن يأكلون طيبا من خيرها ويلعنون تاريخها سرا وعلانية..
حمى الله الوطن والقيادة وشعبه الطيب، والله من وراء القصد
*سيف منور السردية
باحث سياسي وقانوني
Saifmenwer0@gmail.com