facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإضراب .. التخوين… غزة


رانيا حدادين
08-04-2025 02:06 AM

ترددت كثيرًا قبل الكتابة عن هذا الموضوع، خصوصًا بعد تصاعد الدعوات إلى الإضراب العام، بل والعصيان المدني. الموضوع حساس ومتشعب، وكل خيار فيه قد يضعك بمرتبة “الخائن” في نظر طرف ما.

لكن خليني أكتب بلغة العقل، لا العاطفة. أكتب دون أن أختبئ خلف الشعارات أو الاصطفافات، ودون أن أدخل في نقاش الأصول والمنابت، أو في تصنيف من يعتبر الأردن وطنه ومن يعتبر فلس-طين قضيته، أو من “يتخوف” من ردة فعل الأجهزة الأمنية كما يردد البعض. أكتب بصفاء نية، وبعقل بارد، رغم حرارة المشهد.

العصيان المدني والإضراب… إلى أين؟

الإضراب والعصيان المدني أدوات نضالية مشروعة في بعض السياقات، عندما تكون الشعوب مضطهدة بلا أفق، أو تحت احتلال مباشر، أو تواجه ظلمًا سياسيًا واقتصاديًا ممنهجًا، مع غياب تام لأدوات التعبير.

لكن استخدامها في الأردن يحتاج لوقفة صادقة، بعيدًا عن الحماسة اللحظية أو ضغط الموجة.

ماذا يعني ذلك للأردن؟
في الأردن، أي إضراب شامل أو عصيان مدني واسع، أول من يدفع ثمنه هو المواطن البسيط: العامل، الطالب، الكاسب اليومي، أصحاب المصالح الصغيرة.

الأداة التي يُفترض أن تكون ضغطًا على السلطة، قد تتحوّل بسهولة إلى ضغط على الناس أنفسهم، وتعمّق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

والأسوأ، أنها قد تخلق شرخًا داخليًا بين الناس أنفسهم: بين من يرى فيه “موقفًا وطنيًا”، ومن يراه “خيانة داخلية”، وتتحول المعركة من معركة وعي إلى معركة تخوين.

ماذا يضيف لأهل غزة؟
هل الإضراب في عمّان أو إربد أو الزرقاء يخفف قصفًا؟ يوصل دواءً؟ يوقف مجزرة؟

قد يحمل الإضراب رسالة رمزية تضامنية، لكنها لا تكسر حصارًا، ولا توقف طائرات، ولا تغيّر موازين قوى. الدعم الحقيقي لغزة يحتاج أدوات ضغط دولية، دعم ميداني إغاثي، وتحرك سياسي منسق. أما العصيان بدون مشروع، فهو مجرد صرخة في الفراغ.

متى يُستخدم العصيان المدني؟ ومتى ينجح؟

العصيان المدني أداة نضالية معروفة، ونجح في محطات تاريخية: في الهند مع غاندي ضد الاستعمار البريطاني، وفي أمريكا مع مارتن لوثر كينغ ضد التمييز العنصري. لكنه نجح عندما توفرت شروطه:

• وجود قضية موحدة لا خلاف عليها داخلية وليس خارجية مهما كانت مشاعرك مع الآخرين .
قيادة ناضجة مسؤولة تمتلك روح الحب للوطن والانتماء وتعمل لفك اسرها .
انعدام أدوات التعبير و "الاردن اكثر بلد تدعم الحريات ".
• ووجود احتلال أو نظام قمعي مباشر.

في تلك الحالات، كان العصيان المدني جزءًا من خطة طويلة النفس، ضمن حراك سياسي شامل. أما حين يُستخدم كأداة غضب عفوي، بلا قيادة، بلا مشروع، فيتحول إلى حالة فوضى قد يرتد أثرها على من بدأها بحسن نية.

الخلاصة.. انا لست ضد التضامن، ولا ضد التعبير. لكن حين تتحوّل أدوات التضامن إلى أدوات ضرر داخلي، وتهدد لقمة الفقير، وتفكك النسيج المجتمعي، يجب أن نتوقف.
العقل لا يعني البرود، والمراجعة ليست خيانة، والوعي لا يعني الصراخ.

غزة في القلب، ولكن لا يجب أن ننسى أن الأردن أيضًا بيتنا. ودعمنا لغزة لا يكون على حساب استقرار وطننا، بل عبر وعي أعمق، وخطاب أصدق، وتحرك فعّال، لا اندفاعي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :