تعتبر مهنة التعليم من أسمى المهن التي تقوم عليها المجتمعات حيث يشكّل المعلمون والمعلمات حجر الأساس في بناء الأجيال القادمة ومع ذلك فإن العاملين في المدارس الخاصة في الأردن يواجهون تحديات عديدة تتعلق بالأجور والعقود وساعات العمل وتوزيع المهام ما يجعل بيئة العمل في كثير من الأحيان غير مستقرة وتفتقر إلى العدالة
تعاني نسبة كبيرة من المعلمين في المدارس الخاصة من تدني الأجور مقارنة بالمجهود الذي يبذلونه حيث يحصل العديد منهم على رواتب تقل عن الحد الأدنى للأجور وهو ما يشكل انتهاكًا لحقوقهم ورغم الجهود التي تبذلها وزارة العمل والنقابات للحد من هذه الظاهرة إلا أن بعض المدارس تلجأ إلى أساليب التفاف على القوانين مثل إجبار المعلمين على توقيع عقود برواتب أعلى مما يتقاضونه فعليًا

يلجأ العديد من أصحاب المدارس الخاصة إلى توظيف المعلمين بعقود مؤقتة تُجدد سنويًا مما يحرمهم من الأمان الوظيفي كما أن بعض المدارس لا تقوم بتسجيل معلميها في الضمان الاجتماعي مما يعرّضهم لمخاطر اقتصادية عند التقاعد أو في حالات الطوارئ الصحية.

يعاني المعلمون والمعلمات من ضغط العمل الشديد حيث يُطلب منهم العمل لساعات طويلة دون احتساب الأنشطة الإضافية مثل الإشراف على الطلبة والتحضير للدروس وتصحيح الامتحانات هذا الاستغلال يزيد من إرهاقهم الجسدي والنفسي دون مقابل مادي عادل.

تُجبر العديد من المدارس الخاصة معلميها على تدريس مواد ليست ضمن تخصصهم الأكاديمي مما يشكل عبئًا إضافيًا عليهم ويؤثر على جودة التعليم فبدلاً من تمكين المعلم من التركيز على مادته الأساسية يجد نفسه مطالبًا بتدريس مواد أخرى دون أي تدريب كافٍ مما ينعكس سلبًا على أداء الطلبة.

رغم وجود قوانين تنظم عمل المدارس الخاصة إلا أن ضعف الرقابة يتيح للبعض التحايل على حقوق المعلمين لذلك من الضروري أن تكون هناك رقابة أكثر صرامة لضمان التزام المدارس بالقوانين وتوفير بيئة عمل عادلة ومستقرة للمعلمين والمعلمات.

تشديد الرقابة على المدارس الخاصة لضمان الالتزام بدفع الحد الأدنى للأجور وتسجيل المعلمين في الضمان الاجتماعي وفرض عقوبات صارمة على المدارس التي تخالف القوانين وتستغل المعلمين وتعزيز دور النقابات العمالية في الدفاع عن حقوق المعلمين وتقديم الدعم القانوني لهم وتشجيع المدارس على تحسين بيئة العمل عبر توفير عقود دائمة ورواتب عادلة تتناسب مع الجهد المبذول ووضع آلية لمتابعة شكاوى المعلمين والتعامل معها بجدية لضمان عدم تعرضهم للاستغلال.

لا يمكن النهوض بالعملية التعليمية في الأردن دون تحسين أوضاع المعلمين فهم الركيزة الأساسية لتنشئة جيل واعٍ ومتعلم إن توفير بيئة عمل عادلة ومستقرة لهم ليس مجرد مطلب وظيفي بل هو استثمار في مستقبل الوطن بأكمله.