وادي الأردن والسياحة الزراعية .. مورد اقتصادي مهم
د. مالك القصاص
05-04-2025 01:48 PM
وادي الأردن او غور الأردن هو سهل خصيب يمتد من جنوب بحيرة طبريا إلى البحر الميت ويعد من أكثر جهات العالم انخفاضاً تحت مستوى سطح البحر. كما ويعتبر إحدى وأهم سلال الأردن الغذائية، وذلك نظرًا لخصوبته وإنتاجه الزراعي الغني، حيث يمتاز بمناخ شبه مداري دافئ (دافئ شتاء وحار صيفا)، مما يسمح بزراعة المحاصيل على مدار العام، وخاصة المحاصيل التي تحتاج إلى درجات حرارة معتدلة.
في ذات الشأن، تكمن أهمية وادي الأردن الزراعية في عدة أمور، من أهمها، إنتاج المحاصيل المبكرة وذلك بسبب مناخه الدافئ، حيث يمكن زراعة الخضروات والفواكه في فصل الشتاء، مما يجعل الأردن منافسًا في السوق المحلية والإقليمية. كما ويمتاز بالتنوع الزراعي، حيث يشتهر بزراعة الحمضيات، والموز، والبندورة، والخيار، والباذنجان، والبطاطا، والبقوليات، بالإضافة إلى بعض المحاصيل الاستوائية.
وبالإضافة الى ذلك، تكمن اهمية وادي الاردن بانه مصدر رئيسي للأمن الغذائي حيث يساهم بشكل كبير في تلبية احتياجات الأردن من المنتجات الزراعية ويقلل من الاعتماد على الاستيراد. كما ويساهم بتوفير الكثير من فرص العمل، حيث يشغل آلاف في الزراعة، والنقل، وغيرها.
السياحة الزراعية (Agriturismo/Agritourism) هي أي نشاط يجمع بين الزراعة والسياحة، حيث يقوم المزارعين باستضافة السياح في مزارعهم لتجربة الحياة الريفية، والاستمتاع بالطبيعة، والمشاركة في الأنشطة الزراعية اليومية، وتذوق المنتجات المحلية الطازجة. كما وبدأ هذا النوع من السياحة في الظهور في إيطاليا وفرنسا في الخمسينيات من القرن الماضي بحسب تقارير وجدتها على الانترنت، ومن ثم توسعت حول العالم تدريجيا.
في ذات السياق، شهد هذا النوع نموا كبيرا في السنوات الأخيرة وذلك بسبب اهتمام الناس بالطبيعة والراحة والاستجمام، وبمعرفة مصدر غذائهم ولقاء المزارعين والمنتجين، سواء منتوجات زراعية أو حيوانية، فعلى سبيل المثال، في إيطاليا يقوم العديد من السياح بزيارة مزارع التفاح او العنب، حيث يسمح لهم بقطف الثمار مباشرة من المزرعة نفسها ثم وزنها لشرائها، بالإضافة الى مزارع الابقار والحيوانات ومعامل الاجبان وغيرها. كما ويمكن أيضا الإقامة في المزارع والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة، بالإضافة إلى تناول الأطعمة الطازجة التي غالبًا ما تكون من إنتاج نفس المزرعة، مثل اللحوم والخضروات وغيرها.
أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني مشكلة الاقتصاد والتنمية الاقتصادية في الأردن، واسأل نفسي: هل يمكن عمل استراتيجية متكاملة للعمل على تنمية وتطوير السياحة الزراعية في الأردن، وبالأخص في وادي الاردن، مما يساهم في التنمية المتوازنة والاستدامة الاقتصادية، مع الاخذ بعين الاعتبار الاستفادة من خبرات البلدان الاخرى؟ ان تنمية وتطوير هذا النوع من السياحة من خلال دعم المجتمعات المحلية ودمجها بالعملية السياحية لتطوير وتسويق منتجاتها المحلية، تساعد في تعزيز الاقتصاد المحلي، وذلك من خلال توفير فرص عمل، وزيادة دخل المزارعين من خلال السياحة إلى جانب الإنتاج الزراعي، وتشجيع السياحة المحلية، بالإضافة الى تشجيع استهلاك المنتجات الأردنية. كما يمكن عمل برامج تدريبية، وبالتعاون مع وزارة السياحة او الجهات المانحة، لتدريب أبناء المجتمع المحلي على أسس قطاع الفندقة والضيافة وكيفية تسويق المنتج الاردني، مما يساعدهم على جعل السياحة رافدا اقتصاديا لهم ولعائلاتهم. كما ويمكن التعاون الاقليمي لتطوير وادي الاردن خصوصا مع دول الجوار كالسعودية التي صار لديها الخبرات في التطوير الزراعي.