تهجير عبر الطائرات والمنشورات
سميح المعايطة
03-04-2025 01:00 AM
أدرك نتنياهو وإدارة ترامب ان مشروع التهجير إلى مصر والاردن غير قابل للتطبيق، فكلا البلدين حسم خياراته بالتعامل مع المشروع على أنه انتحار سياسي وشراكة في مشروع تصفية القضية الفلسطينية لكن مشروع التهجير لأهالي غزة اخذ منحى آخر اسرائيليا وخاصة بعد استئناف العدوان على غزة الذي وفر للحكومة الاسرائيلية العودة إلى جغرافيا غزة وزيادة معاناة اهل القطاع عبر التهجير داخل غزة من منطقة إلى اخرى وإكمال مشروع تحويل غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة، والأهم اقناع الفلسطينيين ان غزة بلا مستقبل سياسي ولا أفق لوقف الحرب ولا اعم?ر قادم وان الدمار واستكمال القتل هو القادم، وأن إسرائيل لن تقبل باي حل يحمل بُعداً سياسياً بل تذهب إلى صفقات تبادل مقابل وقف إطلاق نار مؤقت.
إسرائيل أعلنت قبل اسابيع عن اقامة وكالة لتهجير أبناء غزة طوعياً، وهو مشروع يشبه عمل الوكالة اليهودية التي اقامتها الحركة الصهيونية لتهجير يهود العالم إلى فلسطين القرن الماضي، والمطلوب ليس تهجيرا بأعداد كبيرة جدا او بالطرد ولكنه مشروع بنيته التحتية دمار غزة وتحولها إلى منطقة طاردة لاهلها وآلياته تهجير بالمئات او آلاف قليلة في كل مرة إلى دول عديدة في العالم بحيث يكون ظاهره هجرة طوعية من اهل غزة وما تفعله إسرائيل هو تسهيل الامور والاتفاق مع الدول المستقبلة.
اليوم داخل غزة تهجير عبر المنشورات التي تطلب من اهل غزة مغادرة مناطق إلى اخرى داخل القطاع، وفشل كل تفاوض يؤدي إلى وقف حرب، وغياب اي مشروع للاعمار واعادة الحياة، وتحت الطاولة عمل اسرائيلي منظم لكسر حاجز التهجير باي عدد.
قبل يومين كان هناك خبر في بعض وسائل الإعلام عن تهجير مئات من اهل غزة إلى المانيا، وقد يكون الخبر جزءا من تسويق اسرائيلي للمشروع وقد يكون فيه شيء من الصحة وقد يكون كاذبا او محاولة لم تكتمل كما تحدثت السلطات الألمانية، لكن لا أحد يمكنه التأكيد او النفي حتى الآن، ومهما كانت صحة الخبر فإن المضمون اي تهجير اعداد بسيطة مرة بعد مرة جزء من عمل الوكالة اليهودية الجديدة، حيث السعي للعمل دون ضجيج بحيث يبدو الأمر قرار أبناء غزة في الهجرة وليس طردهم من بلادهم.
منذ بداية العدوان على غزة تقول بعض الأرقام ان من غادروها من أهلها تجاوز ١٥٠ الفا وهو رقم يحتاج إلى تدقيق، لكن الفكرة ان استمرار العدوان والدمار وفتح الأبواب سرا وعلنا للمغادرة بشكل منظم عبر وكالة اسرائيلية متخصصة سيوفر فرص النجاح باي مستوى لمشروع التهجير بأدوات مختلفة عن مشروع ترامب عبر القصف والمنشورات وتهجير بالطائرات وبعيدا عن الصخب لكنه في النهاية تهجير.
إسرائيل كانت تأمل ان يكون التهجير إلى الاردن ومصر لتوريطهما في مشروعها لتصفية القضية الفلسطينية لكن ان لم يتحقق فالاهم هو مغادرة اكبر عدد ممكن من اهل غزة أرضهم، فالمشروع الصهيوني للتهجير إلى أي مكان قائم على الأرض.
الراي