شاهدنا مسرحية " قبة الكازينو " على خشبة مسرح النواب الأردني ، والتي أداها ممثلو الشعب الأردني بحرفية عالية ، جسدوا من خلالها توجهات " قوى " سياسية ، كنا نظن بأن تأثيرها قد زال أو خبا...ولكن يبدو أننا كنا مخطئين ، لأنهم ما زالوا يمارسون سلطتهم رغم مغادرتهم لمقاعدهم الحساسة في مختلف المواقع .
كانت الأدوار مقسمة بشكل جيد ، وكأن هناك مخرج وراء الكواليس يوجه الممثلين ، الذين توزعت أدوارهم بين العمل على تبيض صورة أحد أصحاب " القوى " الإقتصادية ، الذي عاث بالبلد فسادا من خلال تنفيذ سياسة الخصصة ، وبيع موارد الدولة ، بأبخس الأثمان ، بعد تدميرها والنزول بها إلى الحضيض ، ما أدى إلى تراكم الديون ، وبالتالي حدوث خسائر كبيرة، في محاولة لإقناع الجميع بضرورة بيعها ، لنتفاجأ بأنها أصبحت "بقدرة قادر" مؤسسات تحقق أرباحا غير معقولة ..
ورأينا ممثلين يجسدون أدوارا لأصحاب "الصالونات السياسية" ، ربما للثأر لأنفسهم ، أو لإقناع الشارع الأردني ؛ بأنهم لن يستبدلوا بخير منهم ، لا بل بأفسد منهم ، وبذلك يعيدون الأمجاد لأنفسهم ، ويسعون بذلك إلى تحسين ما بقي من سمعتهم أمام الشعب ، الذي خرج بمظاهرات ومسيرات تطالب بأسقاط الحكومة ، إلى أن تم لهم ذلك ..
ومنهم نوابا " مكررين " ما زالوا ينفذون قرارات وأوامر " قوى أمنية" ، لها مساهماتها في ايصالهم إلى قبة البرلمان ؛ وخاصة أن عملها تزامن فترة توليها لموقع له مساهمات واضحة في إيصال الغالبية العظمى من الممثلين إلى قبة البرلمان الأردني مع حراك الانتخابات النيابية للمجلس السابق حتى اصبحوا نوابا " ممثلين ".
وذهب بعض الممثلين إلى تجسيد دور المنتقم من رئيس الحكومة الحالي ، الذي كان رئيسا للحكومة أيضا ، التي أشرفت على انتخابات مجلس النواب السابق " المنحل ".
كانت خشبة المسرح مليئة بالأحداث والآراء والأفكار ،التي جلبت جمهور النظارة ، والجمهور المتابع عبر وسائل الاعلام التي كانت تنقل ما يجري أولا بأول ، حتى ظننا أن نهاية غير مسبوقة ، لم تحصل سابقا ، في تاريخ " المجالس" ، وخاصة بعد أن تحولت المشاهد التمثيلية "ببراعة المخرج " إلى مرافعات قضائية ، تجسدت فيها أدوار الإدعاء العام والقاضي والمحكمة ، داخل المجلس النيابي ، الذي ربما استمد هذه الخبرة ، بحكم الجيرة مع المجلس القضائي .
وكان اداء الممثلين جميعا فوق العادة ، وفاق أداء الحكومة في"مسرحية شاهين " التي أدتها حكومة البخيت من حيث التخريجة لها .
ولم تقف الامور عند هذا الحد ، بل أن ممثلي الشعب
أدوا أدوارهم ، ونالوا عليها استحسان المشاهدين ، الذين توزعت مطالبهم بين تحويل المسرحية ، إلى مسلسل تلفزيوني من ثلاثين حلقة ، للإستفادة منه، وعرضه أثناء شهر رمضان المبارك ، الذي بدأ يقترب منا ، أو تحويلها الى فيلم تلفزيوني .
على كل الأحوال ، بعد أن ذاع صيت المسرحية ، رشحت لنيل العديد من الجوائز التقديرية ، وستشارك بالعديد من المهرجانات .
وبعد انتهاء الجزء الأول من المسرحية ، لا يمكن لنا أن نغفل جهود " أذرع القوى " التي عملت بحرفية لتنفيذ السيناريو والقصة والحوار ، الذي أعده الفريق المكون من ثلاثي القوى : " الجنرال" و"مهندس الديجيتال" و" رجل الصالونات السياسية ".
أما الممثلون الذي أدوا أدوار البطولة ، فقد امتلكوا منهجا جديدا في الارتجال المسرحي ، وهم النواب المؤيدين للبراءة ، فيما كان ممثلون يؤدون ادوارهم ببراعة ، بعد أن اتقنوا عملية الدوبلاج وهم : النواب المعارضين للبراءه ، ولا ننسى مجموعة الكومبارس : النواب الممتنعين عن التصويت.
اما الموسيقى التصويرية فكانت لأمانة المجلس ،ويحسب للحضور على الشرفة بانهم شاركوا في التمثيل .
ويذكر أن المسرحية من إنتاج وإخراج : الثلاثي لإنتاج الفساد.
وكلمة لا بد منها ، فإننا ندعو نقابة الفنانين الأردنيين إلى فتح باب الانتساب ، أمام نوابنا الأفاضل ، علما بإن القوانين لا تمنع الأزدواجية بين مجلس النواب وعضوية نقابة الفنانين .
وأصبح الأن بمقدور كل نائب فنان ، أن "يفن " أينما يريد ، بعد أن قدم أجمل عروض مسرحيته على "مسرح القبة " في العبدلي ..
وإلى اللقاء مع مسرحية جديدة ، من أداء 120 ممثلا ، والدعوة عامة ..!
Jaradat63@yahoo.com