ساعة الأرض فرصة لتعزيز الصحة النفسية
سارة طالب السهيل
29-03-2025 09:47 AM
تقام ساعة الأرض في آخر سبت من شهر مارس من كل عام، وتبدأ في تمام الساعة 8:30 مساءً بالتوقيت المحلي، وتستمر لمدة ساعة واحدة، حيث يُطلب من المشاركين إطفاء الأنوار والأجهزة الكهربائية غير الضرورية في هذه الفترة.
بدأت ساعة الأرض في عام 2007 في مدينة سيدني،في مبادرة أطلقها " الصندوق العالمي للطبيعة" (WWF)، كحدث محلي للفت الانتباه إلى القضايا البيئية. ومنذ ذلك الحين، توسعت الفكرة لتشمل العديد من المدن والدول حول العالم. في عام 2008، انطلقت ساعة الأرض بشكل عالمي بمشاركة أكثر من 50 مليون شخص حول العالم، ومع مرور السنوات، تزايد عدد المشاركين من حكومات وشركات وأفراد، ليصل إلى أكثر من 190 دولة في عام2020. وكان هذا التوسع الكبير في عدد المشاركين علامة على أن قضية البيئة أصبحت قضية عالمية تشغل جميع الفئات من المجتمع. تهدف إلى تشجيع الأفراد والمجتمعات والدول على التقليل من استهلاك الكهرباء والطاقة. من خلال إطفاء الأنوار لمدة ساعة واحدة سنوياً، تؤكد ساعة الأرض على أهمية العمل الجماعي في مواجهة التحديات البيئية.
حيث يزداد التحدي من أجل الحفاظ على البيئة ومكافحة التغيرات المناخية، تبرز ساعة الأرض كإحدى المبادرات البيئية العالمية البارزة التي تهدف إلى زيادة الوعي البيئي في مختلف أنحاء العالم. تكمن أهمية ساعة الأرض في أنها لا تقتصر على إطفاء الأنوار فحسب، بل هي بمثابة دعوة للتحفيز على تفكير أعمق حول سبل المحافظة على البيئة، وتدبير موارد الطاقة بشكل أكثر استدامة. على الرغم من أن ساعة الأرض قد تبدو مجرد إجراء رمزي، إلا أنها تحمل في طياتها رسائل قوية حول ضرورة الحفاظ على كوكبنا، خاصة في ظل تهديدات مثل التغير المناخي، وتدهور التنوع البيولوجي، وندرة الموارد الطبيعية.
ساعة الأرض والصحة النفسية
ساعة الأرض ليست مجرد مناسبة بيئية لتوفير الطاقة أو التوعية بالتغير المناخي، بل هي أيضًا فرصة فريدة لتعزيز الصحة النفسية. في عالمنا المعاصر، حيث يزداد الضغط النفسي بسبب الارتباط التكنولوجي المستمر والضغوط الحياتية، قد تكون ساعة الأرض لحظة هامة للتخفيف من هذا العبء.
يمكن لساعة الأرض أن تؤثر إيجابًا على الصحة النفسية للأفراد بطرق متعددة:
1- الاسترخاء والهدوء: عندما يقرر الناس إطفاء الأنوار لمدة ساعة واحدة، يتم خلق بيئة أكثر هدوءً وسكينة. في عالم مليء بالضوضاء البصرية والتكنولوجية، يمكن أن يكون هذا التوقف عن استخدام الأجهزة والضوء الاصطناعي فرصة للابتعاد عن الزخم اليومي والتخلص من المؤثرات السلبية التي تساهم في زيادة القلق والتوتر. تساهم هذه اللحظات الهادئة في استعادة التوازن الداخلي، وتوفر فرصة للاسترخاء الذهني.
2- التقليل من التوتر والقلق: إطفاء الأنوار والتخلي عن الأجهزة الإلكترونية في ساعة الأرض يمكن أن يقلل من مستويات التوتر والقلق التي يشعر بها الأفراد بسبب الإفراط في استخدام التكنولوجيا. الدراسات أظهرت أن التعرض المستمر للشاشات والتفاعل المستمر مع وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى زيادة القلق، التوتر، والمشاعر السلبية. ساعة الأرض تقدم فرصة للأفراد للاحتشاد بعيدًا عن هذه الأنشطة وإعادة الاتصال باللحظة الحالية، مما يساهم في تخفيف الشعور بالضغط النفسي.
3- تعزيز الاتصال بالآخرين: تشير الدراسات إلى أن التواصل الاجتماعي الإيجابي هو أحد العوامل الأساسية التي تدعم الرفاهية النفسية خلال ساعة الأرض، يلتقي الناس في بيئة جماعية تشجع على التواصل والتفاعل الاجتماعي خارج سياق العمل أو الأنشطة الروتينية. يمكن للأفراد الاستمتاع بالوقت مع العائلة أو الأصدقاء، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويشعرهم بالانتماء والتواصل الإنساني. وهذا النوع من الاتصال يعزز مشاعر الراحة النفسية والتوازن العاطفي.
4- الابتعاد عن الضغوط الرقمية: يعاني العديد من الناس من ما يُعرف بـ "الإرهاق الرقمي" نتيجة للانغماس المستمر في التكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية. ساعة الأرض توفر فرصة "لإيقاف" هذه الضغوط الرقمية بشكل مؤقت. عندما يتوقف الشخص عن استخدام أجهزته الإلكترونية ويتفاعل مع المحيط بشكل مباشر، يساعد ذلك في استعادة السيطرة على حياته ورفاهيته النفسية. هذه الراحة النفسية قصيرة المدى قد تساهم في تحسين الصحة النفسية بشكل عام على المدى الطويل.
5- الفرصة للتأمل والوعي الذاتي: ساعة الأرض فرصة ممتازة للتأمل وإعادة الاتصال بالنفس. في غياب الأنوار والأجهزة الإلكترونية، يمكن للأفراد أن يجدوا الوقت للتفكير في حياتهم وأهدافهم واحتياجاتهم. التأمل في مثل هذه اللحظات الهادئة يساعد على تحسين الصحة النفسية من خلال تقليل التوتر وزيادة الوعي الذاتي. الأشخاص الذين يتبعون هذه الممارسات عادة ما يشعرون بتحسن في مزاجهم، حيث يساعد التأمل على إعادة توازن الطاقة العقلية والعاطفية.
6- الحد من العزلة الاجتماعية: في بعض الأحيان، يشعر الأفراد بالعزلة الاجتماعية بسبب مشغولياتالحياة أو الانشغال بالأنشطة اليومية. ساعة الأرض تخلق بيئة تشجع الناس على التفاعل مع بعضهم البعض، سواء في الأنشطة الجماعية أو من خلال المحادثات الهادئة مع الأصدقاء والعائلة. هذه الفرصة للتواصل يمكن أن تعزز شعور الأفراد بالدعم الاجتماعي، مما يساهم في تحسين صحتهم النفسية.
7- تقوية الشعور بالإنجاز والهدف: عندما يشارك الأفراد في ساعة الأرض، يشعرون بأنهم جزء من حركة عالمية تهدف إلى حماية كوكب الأرض. هذا الشعور بالانتماء إلى شيء أكبر من الذات يمكن أن يساهم في تعزيز الصحة النفسية من خلال تقوية شعور الفرد بالهدف والإنجاز. الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بأنهم يساهمون في قضية أكبر من أنفسهم يمتلكون مستويات أعلى من السعادة والرضا النفسي.
8- تعزيز الإبداع والابتكار: إطفاء الأنوار والتخلي عن الأجهزة الإلكترونية قد يوفر بيئة محفزة للإبداع والتفكير الخارج عن المألوف. في هذه البيئة الهادئة، قد يجد الأفراد فرصة للتفكير في حلول جديدة لمشاكلهم الشخصية أو المهنية. كما أن التفاعل مع البيئة المحيطة في هذه اللحظة قد يثير أفكارًا جديدة تدعم الصحة النفسية والإبداع الشخصي.
في النهاية ساعة الأرض ليس مجرد فرصة للمساهمة في حماية البيئة. إنها لحظة حاسمة لتهدئة العقل والتخلص من الضغوط اليومية، مما يساهم في تحسين الصحة النفسية للأفراد. من خلال خلق بيئة هادئة، تعزيز الروابط الاجتماعية، وتوفير فرصة للتأمل، تساهم في تعزيز رفاهية الفرد النفسية والعاطفية. في عالم مليء بالضغوط اليومية والإرهاق الرقمي، قد تكون ساعة الأرض فرصة ثمينة للاسترخاء وإعادة التوازن الداخلي.