facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تداعيات حرب غزة والثورة السورية على الإخوان المسلمين في الأردن


إبراهيم غرايبة
28-03-2025 09:31 PM

"يرتَجي الناسُ أَن يَقومَ إِمامٌ ناطِقٌ في الكَتيبَةِ الخَرساءِ
كَذَبَ الظَنُّ لا إِمامَ سِوى ال عَقلِ مُشيراً في صُبحِهِ وَالمَساءِ"
أبو العلاء المعري

ثمة ربط مباشر ربما يحتاج إلى اختبار علمي لكنه يبدو متقبلا في الوعي العام إلى درجة عدم النقاش بين النجاح الكبير الذي حققه الإخوان المسلمون في الانتخابات النيابية التي جرت في 10 أيلول 2024 وبين حرب غزة، ولا بد أن التحولات الكبرى في سوريا التي جرت وتجري منذ 8 كانون أول 2024 تلقى بظلال كثيفة على المشهد الأردني والإقليمي وعلى نحو خاص جماعات الإسلام السياسي في عالم العرب وعلى نحو مباشر وقريب في الأردن. الحال أن الثورة السورية تؤثر بعمق في مستقبل الإقليم والإسلام السياسي فيه، ولا يقلل شيئا من ضخامة هذا التأثير الصمت والتناسي تجاه ما يدور في سوريا.

كان واضحا في مجريات الاستعداد للانتخابات النيابية الأخيرة أن ثمة تفاهمات جديدة

جرت بين الإخوان المسلمين والسلطة السياسية، وأن سياسة جديدة طبقت تجاه الإخوان مختلفة عما كان يجري منذ عام 2013 عندما انكسر "الربيع العربي" واعتبرت الجماعة غير قانونية، ثم تعرضت لسلسلة من الانشقاقات والضغوط السياسية والأمنية.

لكن الجماعة أجرت انتخاباتها المستحقة في صيف 2024 وأعلن في وسائل الإعلام عن انتخاب المهندس مراد العضايلة مراقبا عاما للجماعة، وأعلن أيضا عن المكتب التنفيذي للجماعة، جرى ذلك كما لو أن الجماعة استعادت وضعها العلني الذي كانت عليه قبل العام 2015، وكان يظن أن الجماعة تمضي إلى الانحسار وربما النسيان. لكن يبدو واضحا أن حزب جبهة العمل الإسلامي لم يقدر على أن يرث الجماعة، لقد ظل في نظر أعضاء الجماعة ومؤيديها حزبا سياسيا غير جدير بميراث الجماعة المعنوي والديني أو غير قادر على استيعابه. وظلت الجماعة تملك تأثيرها المعنوي والسري (السري ليس بمعنى ضد العلني) على أعضائها وأتباعها وأنصارها، وأنها تواصل نموها وتأثيرها وانتشارها، لم يغير في ذلك شيء كل ما جرى من حظر أو عدم اعتراف، وخروج المئات من أعضائها ليؤسسوا أحزاب وجماعات جديدة مختلفة، كما لم يغير في ذلك تأميم جمعية المركز الإسلامي ولا فقدان جامعة الزرقاء. كانت الدولة تقرّ بذلك بوضوح، وكان يدرك ذلك أيضا كل مهتم أو متابع للشأن السياسي والحالة الدينية في عالم الإسلام وفي العالم كله أيضا. لقد اكتسبت الجماعة شرعية دينية، وحافظت على القبول والتأثير الديني في الناس وفي الأتباع.

تحتاج عمليات الانتخابات التنظيمية للجماعة التي جرت في صيف 2024 إلى انتخاب مجلس الشورى أولا، وذلك يقتضي اجتماع الهيئات العمومية للشعب (حوالي أربعين شعبة) لانتخاب ممثلي المجلس من بين الشعب، وإلى تنظيم انتخابي عدا الاجتماع والانتخاب تديره لجنة عامة يتفرع عنها عشرات اللجان لمراقبة وتنظيم الانتخابات وفرز النتائج وإعلانها وإقرارها. ثم يجتمع مجلس الشورى المنتخب ويضيف بالانتخاب عددًا من الأعضاء، ثم يجتمع المجلس مرة أخرى بحضور الأعضاء الجدد الذين أضافهم المجلس لينتخبوا المراقب العام. ويفترض أن تكون قد جرت انتخابات أخرى موازية لانتخاب نواب الشعب وهيئاتها الإدارية، وهي عمليات كبيرة ومعقدة تحتاج إلى حضور أعداد كبيرة في مكان يتسع لهم وإثبات حضورهم. يصعب أن تكون مثل هذه العمليات الضخمة سرية وإن كانت بعيدة عن الإعلام.

بالتأكيد لم يكن الإعلان لنتائج الانتخابات التنظيمية للجماعة تحديًا للسلطات السياسية بل بموافقتها الضمنية، وكذلك الأمر بالنسبة لتنظيم الانتخابات. كان واضحا أن هناك رغبة حكومية بعودة الجماعة إلى الواجهة.

ربما كانت نتائج الانتخابات النيابية مفاجأة للسلطة السياسية بل وللإخوان المسلمين أنفسهم، ويتداول بعد الانتخابات أن المرشحين في القائمة الوطنية للجماعة بعد الرقم 10 كانوا لا يأملون بالنجاح، ولم يكن تقدمهم للترشيح سوى التزام تنظيمي أو موافقة على إملاء بملء الفراغ، حتى إن بعضهم انسحب بعد الإعلان عن ترشيحه وإدراجه في القائمة اعتقادا بأنه ليس سوى "حشوة انتخابية"

لا شك أن النجاح المعنوي الكبير للجماعة كان تحديا لها لا يقل في خطورته وتحدياته عن الخسارة أو الحظر والملاحقة، فالتأثير والانتشار خطر على الجماعة مثل الانحسار والعزوف عنها، لأن ذلك يجعلها في موضع مسؤولية ومواجهة تفوق قدرتها ورغبتها أيضا. الجماعة تدرك بحكم الواقع والتجربة التاريخية أنها لا تقدر على "المغالبة" وليس امامها سوى "المشاركة" أو العمل في الظل. وليس بعيدا عنها ما حدث في الجزائر ومصر وتونس.

* الإخوان المسلمون مثل البطيخة

لا يصلح أبدا المثال المغربي للاقتباس والمقارنة مع الحالة الأردنية، فالمغرب والأردن وإن كانا متشابهين سياسيا؛ فإن الجماعتين المغربية والأردنية مختلفتان عن بعضهما جوهريا، لا يشبهان بعضهما البعض، الجماعة المغربية جماعة سياسية اجتماعية مغربية بالتعريف، أعضاؤها وقادتها متدينون محافظون، لكنها لا تختلف سياسيا أو اجتماعيا عن السياق السياسي المغربي أو حتى الحزب الاشتراكي أو حزب الاستقلال، لكن جماعة الإخوان المسلمين (وهذه مشكلة الجماعة الكبرى في الأردن) ليست "إخوان مسلمين" إنها كما يقال في هذه الحالات مثل "البطيخة" هي حمراء محاطة بقشرة خضراء، وجماعة الإخوان المسلمين في الأردن لا علاقة لها بحسن البنا، وتتناقض جذريا مع حسن الهضيبي، هي في الحقيقة حزب التحرير الإسلامي، أو مثل بطيخة كتلتها الجوهرية تحرير وقشرتها المحيطة "إخوان مسلمون" وبرغم التأييد الإخواني الكبير لأردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" فإنه تأييد ليس سوى إعجاب سياسي لا يشمل الأفكار والأيديولوجيا، بل إن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تتناقض جوهريا وكليا مع حزب العدالة والتنمية التركي والمغربي أيضا، والإخوان الجزائريين "حركة مجتمع السلم" والإخوان المسلمين التونسيين "حركة النهضة".

الحال أن الإخوان المسلمين في الأردن لا يشبهون الجماعة الأصلية في التاريخ ولا الجغرافيا، هم جماعة تحريرية، أو جماعة متطرفة دينيا وبراغماتية سياسيا، هذا هو السرّ المعلن في الجماعة والسياسة وكذلك في أوساط الدولة والحكم، والغريب أن العلاقة "العقلانية" التي تشكلت بين الجماعة والسلطة يدرك فيها طرفا العلاقة تماما أنها علاقة حذرة أقرب إلى العداء بين طرفين لا يستغني أحدهما عن الآخر.

الحقيقة الأخرى التي يجري تجاهلها أن الحالة الدينية السائدة والكاسحة هي في أوساطها التقليدية الرسمية والمجتمعية مثل وزارة الأوقاف والتدين العام وفي المناهج الدينية التعليمية وكليات الشريعة لا تختلف عن تدين الإخوان المسلمين، حتى مع الخلاف أو العداء السياسي لا يوجد فرق في الحقيقة بين قادة المؤسسات الدينية الرسمية وبين قادة جماعة الإخوان المسلمين، كلهم -وهذه كارثة تفوق في خطورتها وضررها حالة الإخوان المسلمين- تحريريون، فالمؤسسات الدينية الرسمية والتعليمية كما التدين التقليدي السائد هو تدين "تحريري" و"قطبي" متناقض تماما مع سلوكه وولائه السياسي، ومختلف جوهريا عن التدين التقليدي والسياسي الذي تؤمن به أو تسلكه الجماعات الإسلامية السياسية في العالم العربي والإسلامي.

إن عملية فحص بسيطة وسريعة تكشف بوضوح أن خلف القشرة الرقيقة لقادة المؤسسات الدينية الرسمية والتعليمية كما الإخوان المسلمين هناك "تقي الدين النبهاني" .. يا عزيزي كلهم تقي الدين النبهاني رحمه الله.

لقد مضت المقالة بعيدا عن سياق عنوانها، ولم يكن مخططا لذلك لكنه كان ضروريا للقول والاستنتاج إن الإخوان المسلمين يتقدمون سياسيا بفكر ديني يتناقض مع فلسفة المشاركة، وإنهم يحصدون ثمار المقاومة في غزة والنجاح السياسي للإسلاميين في سوريا، لكنهم يمضون بذلك ومعهم ويا للهول أكثر من 80 في المائة من المتدينين (يساوي ذلك أيضا 80 في المائة من المواطنين) إلى حالة دينية واثقة بصوابها، وهذا الصواب ويا للهول لا يرى الواقع أبدا، وفي المحصلة فلا أمل للعقلانية السياسية والدينية سوى التحالف مع "الإخوان المسلمين" مراهنين على أن اختياراتهم السياسية واليومية سوف تستوعب "الوثوقية المطلقة والكاسحة" وتمضي بها إلى قدر من الانضباط والتوازن يكفي (نرجو أن يكفي) لتدبير شؤون الدولة والمجتمع والسياسة والعلاقات الخارجية على نحو يتجنب المخاطر، والحال أنه لا خيار أمام "العقلانية السياسية والدينية" سوى التحالف مع الإخوان المسلمين لأنه لا بديل لهم، ولا يحظى غيرهم بمن في ذلك قادة وكوادر المؤسسات الدينية وكليات الشريعة والعلماء والسلفيون والصوفيون والتبليغيون وجمعية جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطني الإسلامي والوسط الإسلامي والأشاعرة والمعتزلة بالثقة التي تمكنهم من ملء الفراغ الذي يشغله الإخوان المسلمون.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :