facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السودان: نظرة على الحرب والمشهد السياسي والعسكري


صالح الشرّاب العبادي
27-03-2025 03:27 AM

منذ سقوط نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير في عام 2019، دخل السودان في دوامة من الصراعات السياسية والعسكرية، التي تفاقمت لتتحول إلى حرب دامية بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي. هذه الحرب لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتيجة سنوات من التوترات والصراعات الخفية بين مراكز القوى المختلفة التي ظهرت على الساحة السودانية بعد سقوط البشير.

خلفية الحرب وأسباب اندلاعها

تعود جذور الأزمة إلى قوات الدعم السريع، التي كانت في الأصل جناحًا شبه عسكري تابعًا للنظام السابق، وأُنشئت كقوة موازية للجيش بهدف حماية النظام وضمان ولائه للبشير ، لكن مع انهيار النظام في 2019 وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة مدنية، أصبح الدعم السريع قوة تسعى إلى تعزيز نفوذها السياسي والعسكري، خاصة أنها كانت تسيطر على مصادر اقتصادية مهمة، مثل مناجم الذهب، وتحظى بدعم إقليمي ودولي غير معلن.

بعد الاتفاق السياسي بين المدنيين والعسكريين، بدا أن التوتر يتصاعد بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع، إذ شعرت الأخيرة بأنها قد تُهمّش في المشهد السياسي والعسكري الجديد ، وفي أبريل 2023، اندلعت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين في العاصمة الخرطوم وعدة ولايات ومناطق أخرى، لتتحول إلى حرب شاملة تهدد بانهيار السودان بشكل كامل.

المشهد العسكري: السيطرة والتحديات

عسكريًا، خاض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معارك شرسة في شوارع الخرطوم ومدن أخرى ، كانت المعركة على السيطرة على القصر الرئاسي والمواقع الاستراتيجية في العاصمة من أبرز معالم الصراع، إذ استطاع الجيش بسط سيطرته على مناطق واسعة من الخرطوم، بما في ذلك القصر الرئاسي، بعد معارك عنيفة أجبرت الدعم السريع على التراجع.

رغم ذلك، لا يزال الدعم السريع يحتفظ بوجود قوي في بعض الأحياء والمناطق الريفية، مستفيدًا من طبيعته كقوة قتالية تعتمد على تكتيكات حرب العصابات والتنقل السريع ، هذه التكتيكات جعلت من الصعب على الجيش القضاء الكامل على الدعم السريع، وأدت إلى إطالة أمد الحرب وتفاقم المعاناة الإنسانية للسكان المدنيين.

الدعم الخارجي وتأثيره على الحرب

تُتهم قوات الدعم السريع بتلقي دعم خارجي من جهات إقليمية ودولية تسعى إلى تعزيز نفوذها في السودان، بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي وثرواته الطبيعية ، خاصة الذهب ، من بين الجهات التي يُعتقد أنها تدعم حميدتي، هناك دول تسعى إلى الاستفادة من علاقاتها مع قوات الدعم السريع لضمان استمرار مصالحها الاقتصادية والسياسية.

على الجانب الآخر، يحظى الجيش السوداني بدعم من قوى إقليمية ترى فيه صمام الأمان للحفاظ على وحدة السودان ومنع تفككه. هذا الدعم المتبادل من الأطراف الخارجية أدى إلى تعقيد الصراع وجعله أشبه بحرب بالوكالة، حيث تتصارع الأجندات الدولية والإقليمية فوق الأراضي السودانية.

المشهد السياسي: انسداد الأفق

سياسيًا، يعاني السودان من غياب للمسار السياسي الذي يمكن أن يؤدي إلى حل الأزمة ، فمع استمرار الحرب، تضاءلت فرص التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تُنهي الصراع وتُعيد البلاد إلى مسار الانتقال الديمقراطي الذي بدأ بعد سقوط البشير. المبادرات الدولية والإقليمية الرامية إلى وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة توافقية لم تحقق تقدم يُذكر، في ظل انعدام الثقة بين الطرفين وتصاعد التوترات العسكرية.

في الوقت نفسه، يعاني المدنيون من أوضاع مأساوية، إذ أدى الصراع إلى نزوح مئات الآلاف من السودانيين للداخل وإلى الدول المجاورة، وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق، مع نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، وغياب الخدمات الأساسية.

مآلات الحرب ومستقبل السودان

المستقبل القريب للسودان يبدو معقداً في ظل استمرار الحرب دون أي بوادر لحل قريب ، فإما أن يستمر الصراع العسكري حتى يتمكن أحد الطرفين من حسم المعركة لصالحه، أو أن تتدخل أطراف دولية وإقليمية بشكل أكثر جدية لإجبار الطرفين على وقف القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات.

لكن حتى في حال التوصل إلى اتفاق سياسي، فإن السودان سيواجه تحديات تتعلق بإعادة الإعمار وتحقيق المصالحة الوطنية، ودمج القوات المسلحة في جيش وطني موحد، ومعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت بسبب الحرب.

إن ما يجري في السودان ليس مجرد صراع على السلطة بين الجيش والدعم السريع، بل هو معركة مصيرية ستحدد مستقبل البلاد لعقود قادمة ، السودان يقف اليوم على مفترق طرق خطير، وأي حل للأزمة يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الأطراف السودانية كافة، ودعمًا دوليًا وإقليميًا متوازنًا يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار، وليس تعزيز الانقسامات والصراعات.

إلى أن يتحقق ذلك، سيبقى الشعب السوداني يدفع الثمن الأكبر لهذه الحرب التي تهدد بتمزيق السودان ، وتحويله إلى ساحة جديدة للصراعات الإقليمية والدولية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :