facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل تستوعب الحكومة الدرس .. وتعالج المعدة .. بتكحيل العين؟! ..


محمود الدباس - ابو الليث
27-03-2025 03:00 AM

حين يشكو المريض من ألم في بطنه.. يتوقع أن يبحث الطبيب عن سبب المشكلة في أحشائه.. لا أن ينشغل بعينيه.. ويضع له الكحل.. لكن ذلك الطبيب.. لم يكن أحمقاً.. بل كان أكثر حكمةً من غيره.. أراد أن يُعلّم المريض درساً قاسياً.. أن الألم الذي يعانيه.. ليس سوى نتيجة لاستهتاره.. وأن المشكلة ليست في بطنه.. بل في عينيه.. التي لم تميز الطعام الفاسد.. قبل أن يلتهمه..

كم مرة ظننا أننا نحل المشكلة.. بينما كنا نغرق فيها أكثر؟!.. كم من مشكلة استنزفت الأموال.. والجهود.. والوقت.. لأن من تصدّوا لحلها.. لم يكونوا أصحاب خبرة.. أو لم تكن المشكلة تهمهم أصلاً؟!.. نتصرف أحياناً كما لو أن الألم ذاته هو المشكلة.. بينما هو مجرد عرض لمشكلة أعمق.. لا نريد الاعتراف بها..

في عالم الحوسبة والتكنولوجيا.. حيث يُفترض أن يكون التحليل دقيقاً.. والحلول قائمة على بيانات صارمة.. مرّت بي أمثلة صارخة على هكذا أحداث..

أحد المستشفيات كان يئن من خسائر كبيرة.. على الرغم من امتلاكه أجهزة تصوير متطورة.. ويقصدها مرضى من مستشفيات أخرى.. ويعوّلون عليها في جَني الأموال.. وكانوا ينظرون إلى المعدّات بأنها المنقذ لأوضاعهم.. وبعد تحليل البيانات.. جاء القرار المفاجئ.. بوقف استخدامها جزئياً.. ليكتشفوا أن المشكلة في تسعير الخدمات.. وسوء إدارتها.. والتي تتناسب مع بيئة المستشفى.. ولا تتناسب مع التكاليف الفعلية.. وظهرت المشكلة الحقيقية.. والتي كانت في النظام المالي والإداري.. الذي لم يوظّف التكنولوجيا بالشكل الصحيح.. وحين تم بيعها.. واغلاق ذلك القسم.. تعدلت الأوضاع..

وفي مشروع آخر.. كان المسؤولون يلقون باللائمة على فرق تنفيذ المشاريع بسبب التأخير.. وبعد تطبيق أنظمة إدارة المشاريع.. وقياس الأداء.. تبيّن أن الخلل لم يكن في التنفيذ إطلاقاً.. بل في قسم الموارد البشرية.. الذي كان يتأخر في توظيف مختصين أساسيين في المشاريع عند الطلب.. فكان فريق التنفيذ يعمل بجهد مضاعف.. لتغطية النقص.. وحين فشلوا في تحقيق الجداول الزمنية.. اتُهموا بالتقصير.. بدلاً من البحث عن أصل المشكلة..

إذا كان هذا حال قطاعات تعتمد على الأرقام والبيانات.. فكيف هو حال الحكومات.. التي تدير أمور الشعوب؟!.. كم من ميزانيات ضُخّت لمشاريع.. كان يمكن أن تنجح.. لو وُجّهت بالشكل الصحيح؟!.. كم من قرارات اتُخذت لمعالجة البطالة.. أو الفقر.. أو ضعف الاقتصاد.. لكنها زادت الطين بلة.. لأنها لم تعالج جذور المشكلة؟!.. نرى الحلول تُطرَح بعشوائية.. وكأنها مسكنات لتهدئة الألم مؤقتاً.. بينما يبقى الداء ينهش في الجسد.. دون علاج..

الأزمة ليست في غياب الحلول.. بل في غياب التشخيص السليم.. والمشكلة ليست في نقص الموارد.. بل في سوء إدارتها.. حين يكون القائمون على حل المشكلة.. غير معنيين بها.. أو لهم مصلحة في إبقاء الأمور كما هي.. فإن الحلول تتحول إلى مجرد استعراضات إعلامية.. والتشخيص يتحول إلى ذريعة للتهرب من المسؤولية..

لا أحد يريد أن يعترف.. أنه كان يأكل طعاماً فاسداً.. ولا أحد يريد أن يواجه الحقيقة.. بأن عينيه هي السبب في مصيبته.. لكن الحل.. لن يكون دائماً بالكُحل.. ولا بالمسكنات.. بل بالنظر بعمق إلى جذور المشكلة.. قبل أن يتحول الألم إلى مرضٍ مزمن.. لا علاج له..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :