facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين الأمن الغذائي والهدر الغذائي: هل هناك حلول ممكنة؟


د. رعد محمود التل
27-03-2025 01:23 AM

يمثل الهدر الغذائي مشكلة عالمية تؤثر على الأمن الغذائي بشكل مباشر، ويشمل هذا الهدر كل طعام يخرج من نظام الاستهلاك البشري سواء خلال مراحل الإنتاج، التوزيع، التخزين أو بعد وصوله إلى المستهلك النهائي.

وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2024، يبلغ متوسط الهدر الغذائي العالمي للفرد نحو 79 كغم سنويًا، أي ما يعادل 16% من إجمالي الغذاء المفقود أثناء الإنتاج، و14% من الهدر الغذائي الناتج عن سلوك المستهلكين، مما يعني أن ما يقارب 30% من الغذاء المنتج عالميًا يُفقد أو يُهدر.

تعد مستويات الهدر الغذائي في الدول العربية أعلى من المتوسط العالمي، إذ يصل نصيب الفرد إلى 113 كغم سنويًا، بإجمالي يقارب المليار طن من الغذاء المهدور. أما في الأردن، فقد أشار التقرير إلى أن الفرد الأردني يهدر ما يقارب 101 كغم سنويًا. ومع ذلك، فإن هذا الرقم يستند إلى تقديرات نظرية، وليس إلى دراسات ميدانية مباشرة، مما قد يجعله أقرب إلى المبالغة في التقدير. في المقابل، أظهرت بعض الدراسات الميدانية أن معدل الهدر الغذائي للفرد في الأردن أقرب إلى 80 كغم سنويًا.

وفقاً للخبير الدولي في الأمن الغذائي فاضل الزعبي، فإن الهدر الغذائي في الأردن يزداد خلال المناسبات، وخاصة في شهر رمضان، حيث تشير جمعية حماية المستهلكين إلى أن الهدر يرتفع بنسبة تتراوح بين 25% و30% خلال الشهر الكريم. وتساهم العروض الترويجية والخصومات الرمضانية في زيادة الاستهلاك غير المبرر، ما يؤدي إلى هدر كميات كبيرة من الغذاء نتيجة انتهاء صلاحيتها أو سوء تخزينها. ويضيف الخبير الزعبي بأن سلوك المستهلك العامل الأساسي في الهدر الغذائي، إذ تلعب العادات الشرائية وطريقة تخزين الأغذية دورًا رئيسيًا في تحديد حجم ?لفاقد. فالكثير من المستهلكين يشترون كميات تفوق حاجتهم الفعلية بسبب العروض التجارية أو سوء التخطيط عند التسوق. كما أن عدم معرفة أساليب التخزين الصحيحة يؤدي إلى تلف المواد الغذائية قبل استهلاكها.

على المستوى العالمي، تعتبر القدرة على شراء الغذاء الصحي مؤشرًا هامًا في فهم ديناميكيات الهدر الغذائي. تشير الإحصائيات إلى أن 52% من سكان العالم لا يستطيعون شراء غذاء صحي، في حين تبلغ النسبة 42% في الدول العربية، بينما في الأردن تنخفض إلى 14%، مما يعكس قدرة شرائية مرتفعة، قد تكون عاملاً في زيادة الهدر الغذائي المحلي.

كما تعتبر الفجوة الغذائية من القضايا المحورية المرتبطة بالأمن الغذائي، وهي الفرق بين الإنتاج المحلي والطلب المحلي على السلع الغذائية. وعلى الرغم من أن العالم ينتج ما يكفي من الغذاء لإطعام جميع سكانه، إلا أن ملايين الأشخاص يعانون من الجوع وسوء التغذية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن هناك أكثر من 800 مليون شخص يعانون من الجوع حول العالم، في حين يُهدر حوالي ثلث الغذاء المنتج عالميًا. هذا التناقض يبرز العلاقة المباشرة بين الهدر الغذائي والجوع، فإن تقليل الفاقد من الطعام يمكن أن يساهم في تحسين الأمن الغذائي من خلال?إعادة توزيع الغذاء الفائض للفئات الأكثر احتياجًا.

في الأردن، ومع انخفاض نسبة غير القادرين على شراء غذاء صحي إلى 14%، فإن الحد من الهدر الغذائي يمكن أن يساعد في تحسين الوصول إلى الغذاء وتعزيز العدالة الغذائية. المبادرات التي تستهدف تقليل الهدر، مثل إعادة توجيه الطعام غير المُستهلك إلى الجمعيات الخيرية أو استخدامه في إنتاج الأعلاف والأسمدة، يمكن أن تساهم في تقليص فجوة الجوع. إلا أن التحدي الأساسي يكمن في وضع سياسات فعالة تحفز على إعادة الاستخدام بدلاً من التخلص، مما يحقق توازنًا بين تقليل الهدر وتعزيز الأمن الغذائي.

لذلك كان الافتتاح الملكي لبنك البذور الوطني، التابع للمركز الوطني للبحوث الزراعية، لتعزيز الأمن الغذائي عبر تطوير قطاع الزراعة وإنتاج أصناف جديدة. ويكتسب البنك أهمية خاصة في مواجهة تحديات التغير المناخي، وشح المياه، وارتفاع عدد السكان، حيث يسهم في الحفاظ على تنوع المزروعات وضمان توفير غذاء صحي ومستدام. كما يأتي انسجامًا مع رؤية التحديث الاقتصادي، والخطة الوطنية للزراعة المستدامة (2022-2025)، والاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، مما يعزز قدرة الأردن على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على سلاسل الإمدا? الخارجية.

الهدر الغذائي ليس مجرد إهدار لموارد اقتصادية، بل هو قضية تؤثر على الأمن الغذائي والاستدامة البيئية. في الأردن، كما في العديد من الدول، يحتاج تقليص هذا الهدر إلى تغيير سلوك المستهلكين، وتعزيز السياسات التي تدعم الاستهلاك المسؤول. ومع استمرار الجهود في هذا الاتجاه، يمكن الحد من الفجوة الغذائية وتعزيز الأمن الغذائي على المستوى المحلي والدولي. بهذا النهج المتكامل، يصبح الحد من الهدر الغذائي والاستثمار في الإنتاج الزراعي المحلي ركيزتين أساسيتين لتحقيق الأمن الغذائي، وتقليل الفجوة الغذائية، وتعزيز استدامة الموار? للأجيال القادمة.

"الرأي"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :