د. حازم نسيبة في ذكراه الثالثة
يوسف عبدالله محمود
26-03-2025 04:25 PM
قامة وطنية شامخة موسوعي المعرفة رحل صاحبها عن عالمنا قبل ثلاث سنوات في العاشر من شهر نيسان. انه ابن القدس حازم نسيبة الذي عاصر أربعة ملوك ابتداء من عبدالله الأول الى عبدالله الثاني.
تم منحه اعلى الاوسمة من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين.
مفكرًا قوميًا بامتياز كان. أثرى المكتبة العربية بنفيس كتبه التي عالجت الفكر القومي العربي برؤية مستنيرة.
تقرأ كتبه فيطل عليك من ثناياها فكره المتنور. حازم نسيبة وهو يعالج الفكر القومي لم ينضوِ تحت ابسط السلطات الحاكمة شأن من انحازوا اليها على حساب القيم والمبادئ التي كان حريًا بهم الاخلاص لها والدفاع عنها مهما كلفهم ذلك من تضحيات.
كان رحمه الله- استثناء عن الكثيرين من معاصريه في تناوله لموضوع "القومية العربية" منذ نشأتها وتطورها.
استنارته الفكرية قل ان نجدها عند غيره. موضوعيًا في دراساته ينأى بنفسه عن "الأساليب الخطابية" التي تغلب عليها العاطفة التي الفناها لدى العديد من الكتاب الذين اسبغوا على الشأن القومي "قداسة" منقطعة النظير وكأن القومية العربية –وكما وصفها د. قسطنطين زريق في مقدمته لكتاب د. حازم نسبة "القومية العربية نشأتها وتطورها"- شيء فريد في التاريخ علمًا بأنها واحدة من قوميات متعددة ظهرت عند شعوب مختلفة في الماضي وفي الحاضر الذي نعيشه.
وفي رأي هذا المفكر، فان "القومية" كما أنها قوة تربط الأجزاء في كُل متكامل، فانها قد تتحول الى قوة للتبديد والصراع اذا تسللت اليها. غريزة "الانا".
في كتابه السابق الذكر يشير الى ان مزاياها الحميدة والوطنية قد تفسدها الغرائز المدمرة للمدنية (المرجع السابق ص 87)
في كتابه "ذكريات مقدسية" يحدثنا عن بداية حياته الوطنية حين عمل مساعداً لمدير الإذاعة الفلسطينية 1946، ومن ثم رئيساً للجنة الهدنة الأردنية 1945.
كان –رحمه الله- وفياً لعروبته.
في كتابه "ذكريات مقدسية" يستذكر مقولة ذات دلالة لصديقه د. بسام قاقيش، يقول فيها "إن الجيوش العربية إذا اطلقت طلقتها فلا سبيل الى تعويضها الا بفترات انتظار طويلة وفترات الانتظار غير ممكنة في الحروب الخاطفة. (د. حازم نسيبة "ذكريات مقدسية" ص 334)
قريباً جداً من المرحوم جلالة الملك الحسين بن طلال –رحمه الله- كان.
وحين كان وزيراً للخارجية في عهد الراحل وصفي التل -رحمه الله- اقترح على جلالته في اعقاب احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة ان يتبنى الأردن المقاومة بحيث يكون في موقع هانوي بالنسبة للفيتكونغ. وهنا أجابه جلالته: "هانوي كانت تتلقى قطاراً محملاً بالأسلحة والذخائر من الاتحاد السوفيتي والصين، فمن هو الذي سيزودنا بالسلاح والذخيرة اذا قررنا المقاومة المنظمة" (ذكريات مقدسية ص 334)
رحم الله د. حازم نسيبة في ذكراه الثالثة. عيناه دائمًا كانتا صوب مدينته "القدس" التي احتلها غزاة الصهاينة.
د. حازم نسيبة قامة وطنية يُشاد بها. لم يتخل عن قناعاته ومبادئه. صاحب عنفوان كان عركته الحياة وعركها.
youseffmahmouddd34@gmail.com