facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحزب المدني الديمقراطي حينما يصبح التنوع عبئًا والصراع غاية


25-03-2025 08:56 PM

عمون - كتب محرر الشؤون السياسية - لم يكن الحزب المدني الديمقراطي يومًا كتلةً متجانسة، بل كان منذ نشأته ساحةً رحبة لتعدد الرؤى واختلاف الآراء، حيث كان التنوع وقودًا للحوار، لا فتيلًا للانقسام، غير أن ما كان يُنظر إليه يومًا كقوة دافعة بات اليوم معول هدم، إذ تحولت المساحات المشتركة إلى ميادين تنازع، وحلّت المصالح محل المبادئ، حتى أصبح الصراع على النفوذ والمناصب أقوى من التباين في الأفكار.

في قلب هذا المشهد، تبرز ثلاثة تيارات متباينة في الحزب، الأول، التيار التقدمي، الذي يرى في التجديد والبرامجية والبناء المؤسسي مسارًا للإصلاح والتغيير والتميّز' والثاني، تيارٌ ارتبط اسمه بتجارب تأسيسية حزبية لم يُكتب لها النجاح، يسعى إلى بناء توافقات تفتح آفاقًا جديدة للبقاء في الواجهة الحزبية، غير أن مرجعيته ظلت رهينة لمراكز قوى خارج الحزب، أما التيار الثالث، فلم يكن يومًا منحازًا لفكرة أو مؤمنًا برؤية، بل ظل متأرجحًا بين التيارين، لا بحثًا عن الانسجام، بل وفق حساباتٍ تضمن بقاءه في القيادة، مستغلًا ميزان القوى داخل الهياكل التنظيمية للحزب للحفاظ على نفوذه.

لكن ما كان تفاعلًا طبيعيًا بين تيارات متباينة، تحول إلى صراع مصلحي خالص، لم يعد التنافس فيه يلتزم بالأفكار والمبادئ، بل يبحث لاحكام السيطرة على المواقع والمكاسب واغتنام الفرص، ولم يعد الهدف البناء والإصلاح، بل التمكين والهيمنه، وإزاء ذلك، سعى التيار المتصدّر إلى إعادة رسم خارطة الحزب وفق هندسة تضمن بقاءه في الواجهه مستخدمًا أدوات التنظيم لا لتعزيز الديمقراطية الداخلية، وإحكام القبضة على القرار، فأصبحت المناصب تُوزّع وفق مبدأ الولاء لا الكفاءة، وتحولت الاجتماعات إلى ساحاتٍ لترتيب الأصوات بدلًا من أن تكون منصاتٍ لتبادل الرؤى وصياغة السياسات، وبلغ هذا النهج ذروته عندما اظهر رغبته بإجراء تعديلات على النظام الأساسي بحجة الضرورة واعطاها صفة الاستعجال وعزاها بمتطلبات الهيئة المستقلة للانتخاب، دون وجود ما يؤكد ذلك، مما يمكّن قلة من النخب داخل الهيئة العامة من الاستحواذ على القرار على حساب الأغلبية الحزبية.

لم تعد الأزمة أزمة اختلاف رؤى، بل أزمة شرعية ومصداقية، حيث باتت التحالفات تُبنى على أسس مصلحية لا فكرية، وصار التوافق مشروطًا بالمكاسب الآنية لا بالرؤى المستقبلية، ومع هذا التحول، يواجه الحزب منعطفًا خطيرًا، فإما أن يستعيد بوصلته ويعيد بناء مؤسساته الداخلية، أو أن ينجرف إلى مصيرٍ لا يليق ببداياته ولا بأعضائه المؤسسين، فيتحول إلى كيانٍ تحكمه المصالح الضيقة بدلًا من الانفتاح وتفعيل ماكنته الحزبية.

إن الديمقراطية الحقيقية لا تُبنى على توزيع الامتيازات ومنح المكافآت، بل على تفاعل الأفكار وتلاقحها، وإن لم يدرك الحزب هذه الحقيقة الآن، فسيجد نفسه في القريب العاجل خارج المعادلة السياسية، لا لسببٍ سوى أنه فضّل منطق السيطرة على منطق التعددية وتوسيع نطاق المشاركة والبناء المؤسسي، وما يزيد من خطورة الوضع أن صراعات تيارين من أصل ثلاثة داخل الحزب، الذين خاضوا الانتخابات النيابية الأخيرة ضمن قائمة التيار الديمقراطي بالتحالف مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي، ولم تسفر عن تجاوز العتبة الانتخابية، ما خلّف ندبات في هياكل الحزب بدلًا من أن يكون هذا الجهد مصدر إبداع ونجاح مؤسسي، وما تزال أروقة المحكمة الحزبية تنظر في شكاوى وتراشق اتهامات لممارسات اقصاء وقعت بين المترشحين من الحزب المدني ابان تشكيل قائمة التيار الديمقراطي الانتخابية، في مشهدٍ يُفترض أن يكون عنوانه التنافس الديمقراطي لا نزاع داخلي على الكراسي.

إن الحزب أمام لحظة فاصلة ومفترق طرق، فإما أن يتجاوز أزماته الداخلية ويعيد الاعتبار لقيمه التأسيسية، أو أن يستمر في دوامة الصراع، حتى يفقد بوصلته ويغدو مجرد رقمٍ هامشي في المشهد السياسي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :