اختلف المزاج الاقتصادي العالمي بشكل جذري في الأسابيع الأخيرة. وبعد تفاؤل المراقبين بالانتعاش الاقتصادي بعد الأزمة العالمية، عاد التشاؤم مجدداً، واتضح أن حركة الانتعاش الاقتصادي التي بدأت فعلاً قبل مدة تجمدت وأصبحت بدورها بحاجة للإنعاش.
النمو الاقتصادي في أميركا الذي كان متوقعاً أن يصل خلال الربع الأول من هذه السنة إلى 8ر3% ، انخفض إلى 9ر1% ، مما سبب صدمة، أدت إلى ركود معدل البطالة وارتفاع معدل التضخم. وإذا لم يكن هذا كافياً فقد تعرضت بورصات الأسهم الأميركية والأوروبية إلى انخفاض متواصل لمدة شهرين دون انقطاع، فيما اعتبر أطول موجة انخفاض منذ ثلاثة عشر عاماً.
الركود المزدوج أصبح اصطلاحاً جارياً ، وهو يعني الخروج من ركود الأزمة الأولى للدخول في أزمة ثانية. وهي توقعات تحقق ذاتها، ولها أبعاد وتداعيات حول العالم.
يفسر محرر الإيكونومست حالة انتكاس الانتعاش الاقتصادي بثلاثة أسباب: أولها التسونامي الذي ضرب اليابان، وثانيها ارتفاع الأسعار العالمية للبترول بسبب حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وثالثها ارتفاع معدل التضخم والاتجاه لسياسات نقدية متشددة في بعض بلدان العالم الثالث بما فيها الصين، والاتجاه نحو التقشف في البلدان الغنية، فضلاً عن أزمة إفلاس اليونان المتجددة التي تهدد بسلسلة من الانهيارات الأوروبية.
تسونامي اليابان أثر على الصناعات الرئيسية حول العالم التي كانت تتزود بالمواد الوسيطة من اليابان وخاصة صناعة السيارات. وارتفاع أسعار البترول ألحق ضرراً بثقة المستهلكين الذين أخذوا يتوقعون الأسوأ ويعودون لسياسة الحذر والتحفظ خوفاً من المستقبل. وأخيراً هناك توقعات بارتفاع معدلات التضخم وما يعنيه ذلك من ارتفاع أسعار الفائدة وإتباع سياسات نقدية أكثر تشدداً.
ما يحدث في العالم يؤثر على الاقتصاد الأردني كما تشير موجة الهبوط في بورصة عمان، وتوجس البنك المركزي من ارتفاع معدل التضخم، وانتعاش حركة الدولرة، والحاجة لزيادة جاذبية الدينار للمستثمرين والمدخرين، وارتفاع درجة الوعي لخطورة عجز الموازنة وارتفاع المديونية.
في ظروف كهذه يتوقع من الحكومة أن تتحرك بإجراءات وسياسات مختلفة، ولكن الحكومة لا تبدو قادرة في الوقت الحاضر على الحركة بالشكل المطلوب لاعتبارات سياسية واجتماعية تدفعها لشراء الوقت وتأجيل المواجهة واسترضاء الشارع.
الرأي