facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"الدراما الرمضانية" ودورها في إعادة تشكيل الوعي


فيصل تايه
25-03-2025 12:59 PM

على الرغم من أن شهر رمضان المبارك يعد وقتًا للتقوى والتوبه والمغفره ، إلا أن المشهد الإعلامي يتحول إلى ساحة تنافس محمومة بين القنوات الفضائية التي تعرض اعمالاً درامية تشويقية تجذب المشاهدين ، رغم ضبابية المشهد السياسي والموقف من أحداث غزة ، والحرب الوحشيه التي تشنها دوله الكيان الصهيوني على اهلنا المدنيين في الضفة والقطاع ، اذ ان المتتبع لتلك الاعمال تبدو بعيده كل البعد عن تلك الاحداث ، او عن ايه احداث سياسية تخص مجتمعاتنا العربية بالمجمل ، مكتفية بأعمال ضغيفة تحمل في طياتها رسائل هزلية قد تبدو خفية ولكنها ذات تاثير تسخيفي ، فبدلاً من أن تقدم اعمالاً درامية مؤثرة وذات طابع هادف ، أصبحت وسيلة استراتيجية لإعادة تشكيل وعي الناس بطريقة رخيصة مبتذلة ، فبين مشاهد الإثارة والتشويق المصطنع ، باتت تُزرع أفكارٌ ورسائل قد تؤثر على القيم والعادات التي طالما تمسكت بها مجتمعاتنا ، حيث تلك الاعمال اصبحت وبشكل واضح ساحة جديدة تعيد صياغة هويتنا دون أن نشعر .

اننا ومن خلال متابعاتنا للمسلسلات الدراما وخاصة الاجتماعية منها ، والتي تبث عبر مختلف الشاشات العربية نجد انها ليست مجرد فن درامي يروي قصصًا مسلية ، بل هي في الواقع سلاحًا ثقافيًا قادرًا على التأثير في المجتمعات عبر رسائل غير مباشرة تُمرَّر بسلاسة من خلال الشخصيات والأحداث ، إذ يُعاد رسم صورة الأسرة والمجتمع في بعض المسلسلات بطريقة تغيّر نظرة المشاهد نحو العلاقات الأسرية والاجتماعية ، فاما ان نجد شخصية الأب شخصية متسلطًة أو ضعيفًة ، كما اننا نجد شخصية الأم تلك الشخصية المستبدة أو المغيّبة، بينما يتم تقديم الشخصيات المتمردة على القيم والتقاليد كرموز مثالية تسعى للتحرر والنجاح ، ناهيك عما تلعبه تلك الدراما من دور في تطبيع بعض السلوكيات التي قد تكون مرفوضة مجتمعيًا، مثل العلاقات غير الشرعية، والانفصال عن الهوية الدينية، وحتى إعادة تعريف مفاهيم مثل الشرف والالتزام الأخلاقي، مما يؤدي إلى تغييرات تدريجية في القيم المجتمعية.

اما عن المسلسلات التاريخية ، فما تحمله من سيناريوهات تعتبر أداة قوية لإعادة صياغة الأحداث التاريخية وتقديم قراءات منحازة للوقائع السياسية ، فبعض الأعمال تقدّم شخصيات في تاريخنا على انها شخصيات بطولية ، بينما تُشوّه شخصيات أخرى أو تُهمّشها تمامًا، مما يُعيد تشكيل وعي المشاهد بطريقة غير واعية ، حيث تكمن خطورة هذه الاستراتيجية في أن المشاهد لا يتلقى المعلومات بشكل مباشر، بل من خلال حبكة درامية تجعله يتفاعل عاطفيًا مع القصة، مما يسهل زرع قناعات جديدة لديه دون أن يدرك أن ما يتعرض له ما هي الا عملية تأثير ممنهجة ، وبهذا، تصبح تلك الاعمال الدرامية سلاحًا ثقافيًا فتاكاً يؤثر تأثيراً كبيرا في توجيه مجتمعاتنا العربية وتغيير مجرى احداث تاريخيه وفقًا لأهواء كاتب السيناريو او المنتج او المخرج .

بقي ان اقول ان الاعمال الدرامية الرمضانية لم تعد مجرد وسيلة للترفيه، بل تحوّلت إلى ساحات تعمل على اعادة تشكيل العقول والقيم بطابع درامي مشوق ، فبينما يستمتع المشاهد بالقصة ، قد يكون في الواقع هدفًا لعملية إعادة برمجة فكرية تجري دون أن يلاحظ ، والسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا هو : متى سنعي حجم التأثير الذي تمارسه هذه الأعمال علينا؟ أم أننا ما زلنا نعتقد أننا مجرد متفرجين؟ فالحذر من ان يصبح ذلك هدفاً مقصودا لاعادة تشكيل الوعي ! لكني اقول ، ما يلزمنا هو "الوعي" ليكون السلاح الوحيد في التصدي والمواجهة .

والله من وراء القصد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :