ما الذي يجري داخل الحزب المدني الديمقراطي؟
24-03-2025 07:37 PM
عمون - محرر الشؤون السياسية - لم تكن طريق الإصلاح في الأردن مفروشة بالورود وكذلك الحال داخل الحزب المدني الديمقراطي الذي تأسس حسب القائمين على تأسيسه على قاعدة التنوع السياسي واستيعاب الاختلافات الفكرية، ليكون نموذجا لحزب ديمقراطي حديث يعكس تعددية التيار المدني.
منذ البداية ضم الحزب ثلاثة تيارات رئيسية، تيار إصلاحي تقدمي، وتيار ليبرالي يعبر عن مصالح القطاع الخاص، وتيار غير محدد التوجه السياسي يتنقل بين المواقف وفق حسابات أعضائه مستندا إلى قاعدة من المنتسبين الذين استقطبهم.
وفقا لمصادر مطلعة كانت هذه التيارات تدرك أن تنوعها يشكل إثراء للحزب، وكان هناك تفاهم ضمني على الالتزام بالمبادئ الحزبية المشتركة بغض النظر عن الاختلافات السياسية، إلا أن هذه التفاهمات تعرضت لاختبار صعب مع اقتراب الانتخابات النيابية حيث برزت مصالح بعض الأطراف فوق المبادئ، واتخذت قرارات أضرت بوحدة الحزب وأثرت على نتائجه.
على مدار الفترة الماضية كان الصراع بين التيار الليبرالي والتيار غير المحدد التوجه من أبرز العوامل التي عطلت جزءا مؤثرا من أعمال الحزب وأضرت بمصالحه، فقد تحولت الخلافات بينهما إلى نزاع داخلي استنزف طاقة الحزب وأثر على أدائه السياسي والتنظيمي، فانشغل الطرفان في معارك جانبية على النفوذ والسيطرة على حساب العمل على تطوير الحزب وتعزيز مكانته.
ورغم هذا الصراع المستمر بينهما إلا أن المفارقة اليوم أنهما اتفقا على مهاجمة الحزب وترويج معلومات مضللة حوله مستغلين بعض الاستقالات الفردية لمحاولة تصوير الحزب وكأنه في أزمة، بينما الواقع أن هذه الاستقالات جاءت نتيجة عوامل رفض الحزب الرضوخ لضغوط تهدف إلى فرض أجندات خاصة على حساب مصلحته العامة.
على مفترق الانتخابات النيابية تكشفت هشاشة التفاهمات السابقة، حيث سعى التيار الليبرالي مستفيدا من قوة المال السياسي إلى فرض مرشحيه داخل قائمة الحزب في التحالف مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي دون مراعاة التنوع داخل الحزب، بينما قام التيار غير المحدد التوجه بدعم قائمة لحزب آخر في خطوة تتناقض مع التزامه بالحزب وتوجهاته.
في مقابل ذلك كان التيار الإصلاحي التقدمي يعمل وحيدا داخل الحزب مدافعا عن النهج الديمقراطي الذي اختطه الحزب في بدايات تأسيسه، ويسعى لتمكين الشباب والمرأة وضمان تمثيل جميع الهيئات في المؤتمر العام، والفصل بين السلطات داخل الحزب، وتعزيز استقلالية مؤسساته، هذه الإصلاحات التي حظيت بدعم غالبية أعضاء المكتب التنفيذي شكلت نقطة تحول أزعجت الأطراف التي اعتادت احتكار القرار الحزبي، وهو ما دفع التيار المتأرجح إلى التهديد بالاستقالة إن تم تمريرها ثم نفذ تهديده بعد إصرار المكتب التنفيذي عليها.
من المفارقات أن يرفض التيار الذي كان يرفع شعار الديمقراطية والإصلاح هذه التعديلات لمجرد أنها لم تخدم مصالح بعض متصدريه، وكأن لسان حالهم يقول أن الديمقراطية تعني فقط أن يبقى القرار بيد الأقلية المعطلة.
قيادة الحزب ترى أنه ليس أمامها إلا المضي قدما في المسار المؤسسي، دون الرضوخ لأي ضغوط تهدف إلى عرقلة عملية التطوير، ووفقا لمصادر مقربة فإن ما يحدث اليوم في الحزب ليس أزمة وجودية بل مرحلة إعادة تشكيل ستفرز حزبا أكثر نضجا وانسجاما مع مبادئه، وأن التحديات التي واجهها الحزب كانت متوقعة في مسيرة الإصلاح السياسي، وأن الثابت أن الديمقراطية الاجتماعية ستظل النبراس الذي يوجه عمله، وأن الإنسان وحقوقه ورفاهه ستظل محور سياساته وبرامجه.
الحزب المدني الديمقراطي يمر اليوم بمرحلة تصحيحية وليس بتراجع كما يحاول البعض تصويره، ومع اقتراب انعقاد مؤتمره العام يتجه الحزب نحو تجديد هياكله وإعادة ترتيب صفوفه ليخرج أكثر قوة وأكثر قدرة على تحقيق مشروعه الديمقراطي التقدمي.