تأكيد معاني الكرامة في ذكرى الكرامة
خلدون ذيب النعيمي
24-03-2025 03:00 AM
لطالما أرتبط شهر آذار في الموروث الشعبي الأردني بمعاني القوة والأنفة والأمل بكل خير ويدل ذلك أمثالنا التي توصف هذا الشهر بأن مقياس الخصب والمحل فيه وفي مطره وليس بعيداً عن ذلك وصفه بأنه شهر الزلازل والامطار ومن هنا كانت وصية شيابنا بأن نخبئ الفحمات الكبار لعمك آذار ، وفي تاريخنا المعاصر أرتبط هذا الشهر بقيام أحداث مفصلية في تاريخ الوطن والأمة مثل قيام أول دولة عربية في العصر الحديث على يد الملك فيصل الأول في دمشق بعد الثورة العربية الكبرى ، وايضاً تعريب قيادة الجيش العربي الأردني منتصف خمسينات القرن الماضي ليتوج هذا الشهر انتصار جنود الوطن في معركة الكرامة بشكل يعيد للأمة "التي كانت تلعق وقتها جراحها الحزيرانية" ثقتها في نفسها في مواجهة عدو متغطرس مدعوم بقوى عالمية .
ورغم مرور ما يقارب من 60 عاماً على انتصار الكرامة فأن الاحداثيات الحالية الاقليمية لم تختلف كثيراً على رغم ما شهدته هذه الفترة من اختلاف في درجة التضامن العربي التي أعقبت قمة الخرطوم وقراراتها اللائية الثلاثية حول الصلح والتفاوض والاعتراف مع اسرائيل فضلاً عن اختلاف التحالفات والاحداث الاقليمية والدولية ، فإسرائيل خرقت كل اتفاقيات السلام مع جيرانها العرب الأردنيين والمصريين بأشكال مختلفة واهمها طرح موضوع التهجير والتوطين فضلاً عن الاتفاقات التي اعقبت حربها العدوانية على غزة 2023م سواء مع المقاومة الفلسطينية في غزة او لبنان من خلال عدم الانسحاب التام من جنوبه ، وهي تمارس نفس الغطرسة التي لا تنبع من قوتها الذاتية بقدر الدعم الاميركي الذي يؤكد في نفس الوقت هشاشتها وحاجتها المستمرة للدعم الخارجي ، وهنا لا يمكن إخفاء الانقسام الحاد العامودي الذي يسيطر على المشهد السياسي والمجتمعي الإسرائيلي بشكل يؤسس لمرحلة ظاهرة للعيان لن يستطيع صانع القرار الاسرائيلي الاستمرار بإخفائها .
"يخسوا ملعونين الوالدين بعيدة عن شواربهم" عبارة حدثني فيها احد ابطال الكرامة حفظه الله كانت بمثابة "التريند " التي شاعت وقتها بين مقاتلي الكرامة في مواجهة وعود ساسة العدو وجنرالاته بأن يتغدوا في هذا اليوم في مرتفعات السلط وعمان والأردن في ذلك اليوم الآذاري الهدار أيقظ اسرائيل من غطرستها التي ما انفك قادة عدوانها بالقول يومها "أوقفوا هذه المدفعية المجنونة" ، والأردن قادر على مجابهة خطط متطرفي تل ابيب الخبيثة التي تستهدفه ، فالذاكرة الاسرائيلية لا زالت تحفظ للجيش الاردني معاركها معه في باب الواد واللطرون والسموع وسوق جنودها الأسرى في ام الجمال وستحتفظ مستقبلاً بثبات هذا الوطن وقيادته الهاشمية في وجه ما تروج له من سيناريوهات سواء عند الحليف الاميركي او غيره .
الأردن يعي تماماً أن مغامرات اسرائيل وعدوانها في هذه المرحلة لن يتوقف عند غزة والضفة الغربية بل سيكون في عين العاصفة في رؤيتها الاقليمية القائمة على أنهاء ملف القضية الفلسطينية ، ويعي الأردن أيضاً أن الرهان على حكمة قيادته ووعي شعبه وتماسكه أمام عدو لديه اوراق القوة في ظل عدم وجود مشروع عربي موحد وجاد لمواجهة المشروع المتطرف لتل ابيب يكون بمثابة الداعم له ، وهنا وأن اختلفت الاحداثيات والتحالفات بين ذلك الزمن ويومنا هذا فالكرامة معناها واحد لا يتلون جلده عنوانه أيقونة الكرامة الخالدة للأجيال على مدى تاريخ الاردن وهي تنادي "الهدف موقعي أرم ، أرم" .