عيدُ الأم .. هل سرقتهُ الشاشات؟
هبة الحبش
23-03-2025 08:23 AM
ما زلتُ أذكر تحضيرات الإحتفالات الخاصة بعيد الأم والأناشيد المحفوظة بالذاكرة لهذه المناسبة وتزيين صفوف المدارس وإحضار الورود لمعلمات المدرسة وهدايا مصنوعة بحب ورسائل مكتوبة بخط اليد لأمهاتنا، لتنهار الدموع على وجناتيّ الأم و قلبها مُمتنٌ بحضن وليدها الدافي.
أما اليوم، فقد تغير المشهد؛ أصبح التقدير مجرد تهنئة سريعة ببطاقة ذات صورة موحدة على مواقع التواصل الإجتماعي، واحتلت الصور المزينة بالفلاتر و الفيديو كول مكان اللقاءات الحقيقية، حتى باتت الأمهات يشعرن أنّ الإحتفال بهنّ لم يعد كما كان.
هل تغير الإحتفال بهذا اليوم مع دخول التكنولوجيا إلى كل تفاصيل حياتنا؟أم تغيرت أساليب التربية نفسها؟ وهل كان لمواقع التواصل الإجتماعي دورٌ في تعزيز هذا الرابط المقدس أم أصبح رابطاً إلكترونياً؟
لقد أصبحت الهدية الفاخرة الموثقة على "انستغرام" هي الدليل على الحب، بينما نحن الأمهات لن نكون أكثر سعادة من قضاء وقتٍ حقيقي مع أولادنا بعيداً عن الشاشات، فأصبحت لحظات الدفء العائلية هي محتوى يتم تداوله على منصات التواصل الإجتماعي لنجد أنفسنا أمام جيل كامل منغمس بالشاشات بعيد عن التفاعل الشخصي و العمق العاطفي لهذه المناسبة.
فقد أفادت الدراسات أنّ 40% من الأمهات يشعرن بالضغط النفسي بسبب معايير التربية الحديثة التي يفرضها الإعلام الرقمي، مما أثر على مفهوم الأمومة الحديثة، والأسوأ أن بعض الأمهات أنفسهنّ يقعن في فخ " الإدمان الإلكتروني" مما جعلهم يعيشون صراعاً يومياً مع أطفالهن . هذا العام؛ تزامن عيد الأم مع شهر رمضان المبارك، شهر الصيام عن الطعام و الشراب وكل ما يسرقنا عن رواحنيتنا و أهلينا، لذلك؛ يمكن للأمهات أن يجعلن من "الصيام الإلكتروني" وسيلة للعودة إلى الفطرة السليمة وإحياء التواصل الحقيقي، وليكن إحتفالنا بعيد الأم هذه السنة بطريقة مختلفة، ولنجعل هذا اليوم مناسبة لإعادة اكتشاف جمال التفاعل الفطري، ولنخطط لإحتفال بعيد عن المظاهر، بل قضاء وقت صادق يعبر عن الحب اللامشروط بطرق إبداعية غير رقمية.
عيد الأم؛ ليس يوماً عابراً، بل هو رسالة مستمرة لا يجب أن يُطفئه وهج الشاشات. فليكن هذا العيد نقطة بداية لإنعاش التواصل الأسري بعيداً عن زيف العالم الرقمي، ونحتفل به كما يجب: بالحب، بالوقت الدافئ، وبالتقدير الذي يستحقه قلب كل أم.
هبة الحبش/ أخصائية إرشاد أسري ورقمي .