كلمة السر التي قيلت مبكرا حول السياسة الاميركية الداعمة لإسرائيل تلخصت بما قاله الرئيس الاميركي حين قال ان اسرائيل صغيرة وبحاجة الى التوسع.
هذا ما نراه يحدث فعليا اليوم، وقد يحدث بعده ما هو اكبر، حيث اسرائيل تسطو على مساحات واسعة في قطاع غزة، وتريد التوطئة لمخطط التهجير اذا استطاعت، او على الاقل اخذ اكبر قدر ممكن من الارض، مثلما تفعل الامر ذاته في الضفة الغربية حيث تسيطر على اغلب مساحة الضفة الغربية وتريد التوسع اكثر، واحتلت مساحات في جنوب سورية، وقد تتوسع اكثر، في محاولة لتهجير الفلسطينيين ايضا الى جنوب سورية، كما احتلت مناطق متعددة في جنوب لبنان، والمخطط الاسرائيلي للتوسع يشمل دولا ثانية، حتى لو يتم الحديث عن هذا علنا هذه الايام.
هذا يعني ان مساحات اسرائيل وفقا لاتفاقية اوسلو، وقرارات الامم المتحدة لن تبقى كما هي، حيث اننا امام عملية توسع لا يوقفها احد، وهذا التمدد مغطى اميركيا، بكلمة السر التي اشرت اليها اعلاه، بما يقول ان هذه المساحات الاضافية من الارض سيتم ضمها كليا لاسرائيل، بشكل دائم، او سيتم استعمالها لتهجير الفلسطينيين، او انها ستكون ورقة للتفاوض في مرحلة معينة، وكأن المنطقة تعود الى مراحل قبل اتفاقية اوسلو، وقد يمتد السيناريو الى سيناء في مصر، فتعود المنطقة الى ما قبل كامب ديفيد، وحتى الاردن تجاهر اسرائيل بكونه جزءا من مشروع اسرائيل الكبرى في مرحلة معينة، وتم نشر خريطته ضمن مساحة اسرائيل المستهدفة سياسيا، على اساس توراتي، يحدد المساحات المطلوب ضمها لإسرائيل.
الوضع في الاقليم وصل الى مرحلة يتم فيها السطو على مساحات من الارض معترف فيها دوليا تتبع شعوبا ودولا ثانية، في فلسطين، وسورية، ولبنان، وربما الطريق الى مصر لا تغيب في التخطيط الاسرائيلي الواهم، وكذلك السطو في مرحلة ما على اغوار الاردن من الجهة الشرقية لنهر الاردن، لغايات محددة، وهذا التمدد في الارض يراد منه، اجراء تغيرات عميقة على خريطة الشرق الاوسط، التي يتحدث عنها رئيس الحكومة الاسرائيلية، الذي يخطط لإعادة رسم الخرائط، على اساس الامر الواقع، دون اعتراض من النظام الرسمي العربي سوى بصياغات دبلوماسية غير مؤثرة، ودون اعتراض فاعل من الدول المؤثرة في العالم.
من المفارقات هنا، ان الشعوب لا تدرك معنى التسلل الى ارض جديدة، برغم ان هذا التسلل يأتي اختبارا لمرحلة اسوأ، وهو اختبار يقدم نتائج قد تشجع اسرائيل على مواصلة التمدد في دول الجوار، وليس ادل على ذلك من ان قوات سورية الجديدة اشتبكت عسكريا مع اللبنانيين في مناطق جنوب لبنان، لاعتبارات مختلفة، لكن هذه القوات للمفارقة لم تطلق رصاصة على الجيش الاسرائيلي الذي يتمدد في جنوب سورية، وهذا الكلام لا يأتي تخوينا لأحد، بقدر تعبيره عن الاولويات وكيف تغيرت.
سياسة الامر الواقع، تعيد رسم الخرائط الجغرافية والسكانية، والتسلل عبر الحدود ونحو خرائط قديمة، ليس مجرد استعراض للقوة، هو محاولة لتوسعة حدود كينونة الاحتلال، واعادة رسم الجغرافيا السكانية، بشكل متدرج، وتحويل الارض الى ملفات عالقة للتفاوض عليها كل فترة، دون ان يغيب خطر التهجير وراء هذه السطور، وبحيث تكون اسرائيل في الحد الادنى قد جهزت ملاذات للترحيل، في اي لحظة، ستكون فيها قادرة على تنقية كينونتها، ونبذ الوجود الفلسطيني العربي، اذا استطاعت، اصلا، وهذا يعني ان القصة ليست قصة ارض بمعنى التراب والشجر والحجر، بل تعني اعادة ترسيم الحدود، وتعريفات الشعوب ايضا.
الغد