facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العقيدة والصمود: سر الانتصار في معارك الحق والباطل


صالح الشرّاب العبادي
22-03-2025 10:30 AM

على مرّ التاريخ، لم يكن النصر في الحروب رهين العدد والعدة، بل كان لصمود العقيدة وقوة الإيمان الدور الأكبر في حسم المعارك، منذ الأيام الأولى للفتوحات الإسلامية، كان المسلمون قلةً في العدد وضعفاء في العتاد، لكنهم حملوا في قلوبهم يقينًا بأنهم أصحاب حق، وكان هذا اليقين هو السلاح الذي رجّح كفتهم في أعظم المعارك ، من بدر الكبرى إلى اليرموك، ومن مؤتة إلى حطين، ظل هذا الدرس حاضرًا، يتكرر ليؤكد أن النصر ليس ملكًا للجيوش المدججة بالسلاح، بل هو ثمرة الصبر والثبات على المبادئ.

حين تواجه المسلمون في بدر، كان عددهم لا يتجاوز الثلاثمئة، في مقابل جيش قريش الذي فاقهم في العدة والعتاد ، ومع ذلك، كانت الهزيمة من نصيب الكثرة، وكان النصر حليف الفئة المؤمنة القليلة ، وفي مؤتة، حيث كان المسلمون ثلاثة آلاف مقاتل أمام مئتي ألف من جيوش الروم، لم يكن هناك أي منطق عسكري يسمح بالصمود، ومع ذلك استمرت المعركة، وأثبتت أن الإيمان بالقضية قد يجعل المستحيل ممكنًا ، وكذلك كانت اليرموك نقطة فاصلة في تاريخ المنطقة، إذ واجه المسلمون جيشًا هائلًا يفوقهم أضعافًا مضاعفة، لكنهم ثبتوا حتى كتب الله لهم النصر.

ولا أدل على ذلك عندما كادت الأمة الإسلامية ان تزول على يد المغول قائد الجيش الهائل عندما جرف الحضارة الاسلامية من العراق الى الشام الى فلسطين وكانت المعركة الفاصلة عين جالوت في غزة التي انتصرت بها قوات بيبرس وقطر على اعتى قوة عسكرية شرقية فغلبت العقيدة الصادقة والثبات على الحق جحافل الجيوش المغولية التي انهزمت شر هزيمة بالرغم من النشوة بالانتصارات السريعة والمتتالية .

في العصر الحديث عندما خرجت الجيوش العربية منكسرة امام إسرائيل ابان حرب الايام الستة من شهر حزيران عام ٦٧ ، انكسر ذلك الجيش الذي أطلق على نفسه انه لا يقهر على يد الجيش الأردني في معركة الكرامة الخالدة بالعقيدة والثبات على الحق والصبر وعدم التراجع .،

ومع ذلك، لم يكن كل موضع كثرة في العدد دليل قوة، فقد سجل التاريخ أيضًا مواضع تراجع فيها المسلمون حين غرّهم الظن بأن الكثرة كافية، في غزوة حنين، كان المسلمون يومئذ في جيش جرّار، يتجاوز عددهم اثني عشر ألفًا، وظن البعض أن هذا العدد وحده كفيل بتحقيق النصر، فجاء التحذير الإلهي في القرآن الكريم: “ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا”، فكانت العبرة أن العدد بلا عقيدة راسخة ليس ضمانًا للنصر، بل قد يكون وبالًا إذا كان صاحبه متراخيًا عن المبادئ التي يناضل من أجلها.

اليوم، في فلسطين غزة ، تتجسد هذه الحقيقة مرة أخرى، المقاومة في غزة تقف أمام أعتى الجيوش، بترسانة عسكرية لا تقارن، لكنها ثابتة على حقها، تقاتل بعقيدة صادقة وإيمان مطلق بعدالة قضيتها، هي ليست مجرد معركة بين طرفين غير متكافئين، بل هي مواجهة بين الظلم والحق، بين الاحتلال والشعب الحرّ، بين الباطل والمقاومة المشروعة.

كثيرون يدعون إلى الاستسلام، ويطالبون المقاومة بإلقاء السلاح ورفع الراية البيضاء، بحجة أن الاحتلال قوة لا يمكن هزيمتها ، لكن هذه الأصوات تجهل أن المقاومة ليست مجرد سلاح يُرفع، بل هي إرادة لا تنكسر، وصمود لا يلين ، لو استسلم المسلمون الأوائل لمعادلات القوة العسكرية، لما قامت حضارة الإسلام، ولو تخلّى صلاح الدين عن القدس لظن البعض أن الأمر محسوم لقوة الصليبيين.

إن المقاومة ليست مجرد فعل عسكري، بل هي فعل عقائدي يستمد قوته من الإيمان بعدالة القضية، وهي ليست معركة لحظة، بل صراع وجود ممتد في الزمان والمكان ، قد تتأخر الثمار، وقد تكون التضحيات جسيمة، لكن في النهاية، التاريخ يحسم أمره لصالح من صبر وثبت ودافع عن حقه حتى الرمق الأخير.

ختامًا، فإن من يراهن على أن القوة العسكرية وحدها تحسم المعارك، عليه أن يعيد قراءة التاريخ. النصر الحقيقي لا يُقاس بعدد الدبابات ولا حجم الترسانات، بل يُقاس بإيمان أصحاب القضية بعدالتها، واستعدادهم لبذل أرواحهم في سبيلها ، فكما صمدت قلة مؤمنة في بدر ومؤتة واليرموك، وكما نهضت فلسطين مرارًا رغم الاحتلال، فإن المقاومة اليوم ليست معركة أرقام، بل معركة إرادة، ومن يحمل إرادة لا تُهزم، فهو المنتصر ولو بعد حين.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :