حين تقف الحكومة بينهم وبين أبواب الجنة
المحامي محمد الصبيحي
30-06-2011 03:24 AM
أعرف معارضا سياسيا أردنيا تتسابق وسائل الاعلام اليه لسبب واحد لا غير وهو أنه ما قال في مسؤول خيرا قط، فان تقرر محاكمة مسؤول على جرم فساد تصدر أخونا وقال انهم يقدمون (كبش فداء) لتغطية الفاسدين الحقيقيين، واذا لم يحاكم قال الاخ ان قوى الفساد أقوى من يد العدالة، ولم تفعل الحكومة أمرا كان ينادي به قال ان الحكومة تشتري الوقت وتضحك على الذقون، أما اذا فعلت ما اقترح فانه يسارع الى القول ان ما فعلته الحكومة لا يكفي ولا يرقى الى درجة الاصلاح وأنه يشك في نوايا أتخاذ القرار.
وفي الجانب الاخر من الشارع السياسي تبدو الصورة في قمة (الكوميديا) فاشلون سابقون وفاسدون من كل الصنوف والمراتب يصطفون مع شيخنا السابق في نفس الخندق بالطبع لأسباب مختلفة، فالشيخ يسعى الى الجنة ويزهد في الدنيا ولا يقف بينه وبينها الا الحكومة، أما هؤلاء فيسعون الى حرق الاخضر واليابس حتى لايقال أن في سدة القرار من يسعى الى الاتقان والاصلاح ويمكن أن ينجح ؟! وحتى لا نتبين أن الليبرالية المنفلتة وخروج عشرات المؤسسات من مظلة الحكومة صاحبة الولاية وشق الوظيفة العامة الى حراثين أشقياء ومحظوظين نبلاء وأضعاف انتماء الناس الى البلد بتغييب العدالة وتكافؤ الفرص كان سياسة مبرمجة للتخريب الاقتصادي والسياسي يمكن الان الشفاء منه ومعالجته وإعادة بناء الوظيفة العامة والانتماء الوطني.
ما الذي يعنيه الرفض الكامل المتواصل لكل ايجابي وسلبي معا غير تأجيج الشارع وخلق أزمات متواصلة تهدف منها فئة الى عرقلة جهود مكافحة الفساد من خلال التشكيك بكل صغيرة وكبيرة , وفئة تريد أزمة سياسية متواصلة على صعيد مؤسسات القرار العليا بغيرها لا يكون لهذه الفئة ما تفعله في الشارع السياسي، وحتى لو نزل رئيس الحكومة وجميع وزرائه الى ساحة المسجد الحسيني وصلوا الجمعة ثم أقسموا يمينا مغلظا على السير في طريق الاصلاح بأمانة وأخلاص ومحاربة الفساد واعادة هيكلة المؤسسات والرواتب بحياد ونزاهة فلن تقبل منهم هذه الفئة ذلك لأن معنى القبول الغاء مبرر وجودها ومعارضتها .
ما يجري حاليا أن المعارضة السياسية الحزبية، والمعارضون من المنازل والصالونات ووسائل الاعلام، وجمهرة لوبي الفساد , كلهم يلتقون على كلمة لا – بالطبع مع الاختلاف في النوايا والاهداف – والنتيجة تأجيج الشارع الوطني من خلال فئات واسعة من (شباب الانترنت) المتحمس لشعار (الشعب يريد اسقاط الحكومة) المرفوع في معظم الشوارع العربية دون تبين خصوصية الحالة الاردنية، دون أن تعي بعض القوى السياسية أنها ستعجز في مرحلة ما ان أستمرت حالة التأجيج عن السيطرة على قوى الشباب المراهق عمريا وسياسيا وهو ما نشاهده في مصر رغم نجاح الثورة ورحيل النظام والاستعداد للانتخابات الرئاسية والنيابية الا أن قوى خفية تواصيل تأجيج الشارع ونشر العنف فيه .
هناك أيضا من يسعى الى التشكيك بكل الزعامات السياسية وحتى العشائرية لخلق حالة من صناعة زعامات جديدة شابة في الشارع تستهوي باغراءاتها الاعلامية فئة من الشباب المندفع فيصدقون أنهم البديل السياسي الجديد لكل المؤسسة السياسية والعشائرية التقليدية فيواصلون الحراك غير المحدد بهدف ولا برنامج , فقط شعارات – تسخين تجعل مبررات الدور ومشروعيته متوافرة على الدوام .
المسؤولية عن أمننا الوطني في أعناقنا جميعا حكومة وأحزابا وأفرادا وقد آن الاوان لنخرج كلنا من دائرة المصلحة الفردية أو الفئوية والسعي الى الشهرة والنجومية بأي ثمن ولنفكر بما يدور حولنا حتى لا نصل الى مرحلة نغلق فيها أبواب بيوتنا ولا نأمن على انفسنا الخروج بعد غروب الشمس – لا سمح الله - , وحتى لا نفهم خطأ فان ذلك لايعني أن نتوقف عن نقد السلبيات أو توقف حركة الاصلاح وكشف الفساد تحت ستار الحفاظ على الامن الوطني وانما القصد التوقف عن رفض كل شيء والتشكيك بكل شيء وأن نقول للمحسن أحسنت حتى لو كان وزيرا وللمخطىء أخطأت حتى لو كان رئيس وزراء أو رئيس حزب سياسي .
الرأي