تمرّ علينا ذكرى معركة الكرامة كعلامة فارقة في تاريخنا، ليست مجرد محطة عابرة، بل شاهدٌ حي على الإرادة التي تأبى الانكسار مهما اشتدّت التحديات. ففي ذلك اليوم، تجلّت معاني الصمود بأسمى صورها، حيث سطّر أبناء الوطن ملحمةً لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل رسالة للعالم أجمع بأن الأرض لا تُحرَس إلا بالعزيمة، وأن الكبرياء الوطني لا يُساوَم عليه، وأن كرامة الأمة خطٌ أحمر لا يمكن المساس به.

ما يميز هذه الذكرى أنها ليست مجرّد تاريخ يُحفظ في الكتب أو يُروى في المناسبات، بل قيمةٌ متجددةٌ ولقد كانت الكرامة درسًا في التحدي والصبر، ودرسٌ في الثبات أمام التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهنا. فالوطن الذي استطاع في لحظةٍ فارقةٍ أن يثبت للعالم أن إرادته أقوى من أي اعتداء، قادرٌ اليوم على تجاوز الصعوبات وتعزيز نهضته إذا حمل أبناؤه روح الكرامة في فكرهم وسلوكهم وعملهم.

إن معركة الكرامة لم تكن مجرد نصرٍ عابر، بل كانت محطة لإعادة بناء الثقة في النفس، واستعادة الروح القتالية، وإثبات أن الإرادة الحرة أقوى من أي سلاح. وهذا الدرس لا يزال حيًا بيننا، فالتحديات لم تنتهِ، والصراعات بأشكالها المختلفة ما زالت قائمة، لكن من يحمل في قلبه إيمانًا بدينه وبوطنه وقيمه وهويته، سيظل قادرًا على صنع المعجزات، تمامًا كما صنعها الأجداد في ذلك اليوم الذي خُلّد في تاريخنا بمداد العزّة والفخر.

إن استلهام روح الكرامة لا يكون بمجرد الاحتفاء بذكراها، بل بترسيخ معانيها في واقعنا اليومي: في العمل، في الإنتاج، في الدفاع عن الحقوق، وفي التمسك بالمبادئ التي جعلت من هذا اليوم رمزًا للكرامة الحقيقية. وعلينا أن نستلهم من هذا اليوم المجيد العزم على البناء، والتكاتف من أجل مستقبل يليق بتضحيات من سبقونا.

وفي هذا السياق، نجد أن القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم تمثل امتدادًا لروح الكرامة، إذ يستمر جلالته في تعزيز مبدأ الدفاع عن الوطن وحمايته، ويستند إلى إرث الأجداد في الحفاظ على أمنه واستقراره، جلالته، قائدًا للجيش العربي الأردني، يجسد معاني النصر والصمود في كل خطوة، مُؤكدًا على أهمية الوحدة الوطنية والتمسك بقيم الوطن العليا، من أجل مواجهة التحديات الحديثة التي قد تحاول زعزعة استقرارنا.

فالوطن الذي صمد في وجه التحديات ورفض الانكسار، يستحق منا أن نبذل لأجله كل ما نستطيع، ليظل شامخًا كما كان دائمًا، وليبقى درب الكرامة نهجًا لا نحيد عنه أبدًا.