facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أرصفة الأردن بين أزمة الحاجة وسوء التنظيم


لانا ارناؤوط
21-03-2025 10:48 AM

تُعَدّ أزمة الأرصفة في الأردن من القضايا الملحّة التي تعكس مشكلة أوسع تتعلق بالتخطيط الحضري وإدارة الفضاءات العامة فالطرق المزدحمة، والاستخدام غير المنظم للأرصفة، وانعدام التخطيط السليم يجعل المشي في شوارع المدن الأردنية تحدياً يومياً، لا سيما في عمّان التي تعاني من تزايد عدد المركبات مقابل غياب الحلول البديلة للنقل العام الفعّال. هذه الأزمة لا تقتصر على الجانب المروري فحسب، بل تمتد لتشمل تأثيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية.

يعود ظهور الأرصفة إلى الحضارات القديمة، حيث استخدمت في روما القديمة لفصل المشاة عن المركبات المجرورة، وسرعان ما أصبحت أماكن للتجمّع والمناسبات العامة لكن على الرغم من هذا الدور التاريخي المهم، فإن الأرصفة في عمّان اليوم تعاني من سوء الاستخدام والإهمال فكثير منها محتلٌّ من قبل الباعة الجائلين وأصحاب البسطات الذين يلجؤون إلى الأرصفة كمصدر رزق، مما يعرقل حركة المشاة ويؤدي إلى اختناقات مرورية كما أن انتشار المقاهي المتنقلة على الأرصفة يزيد من تعقيد المشكلة، إذ تُستغل هذه المساحات العامة لأغراض تجارية غير مرخّصة، ما يؤثر سلباً على البيئة الحضرية والنظام العام.

وتُعدّ ممارسات المشاة أنفسهم جزءاً من المشكلة، حيث يتم استخدام الأرصفة بطرق غير ملائمة، مثل إلقاء النفايات أو التجمّع العشوائي، مما يعوق انسيابية الحركة ومن المعضلات الكبرى أيضاً أن الأرصفة في العديد من المناطق لا تراعي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تفتقر إلى الممرات المخصصة لهم وتُعيق حركتهم العوائق المنتشرة.

علاوة على ذلك، تعاني الأرصفة من ظاهرة التعديات الرسمية وغير الرسمية، حيث يقوم بعض المحال التجارية بمد مساحاتهم إلى الأرصفة، مستغلّين المساحة العامة لمصلحتهم الشخصية كما أن غياب الرقابة الفعّالة على مواقف السيارات العشوائية يسهم في تفاقم الأزمة، حيث يتم ركن السيارات على الأرصفة، مما يجبر المشاة على السير في الشارع وتعريض حياتهم للخطر.

الحلول الممكنة لهذه الأزمة تتطلب تدخلات متعددة تشمل تنظيم استخدام الأرصفة، وتوفير بدائل اقتصادية للباعة المتجولين من خلال تخصيص أماكن رسمية لهم، وتفعيل القوانين التي تمنع التعدي على الفضاء العام كما يجب تحسين تصميم الأرصفة لتكون أكثر شمولية، بحيث تراعي جميع الفئات بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة ولا بد من تعزيز وعي المجتمع بأهمية الأرصفة كمساحات عامة يجب احترامها والحفاظ عليها.

إن معالجة أزمة الأرصفة في الأردن ليست مجرد قضية تخطيط حضري، بل هي مسألة تعكس جودة الحياة في المدن. فالأرصفة ليست مجرد مساحات للمشي، بل هي جزء من الهوية الحضرية والثقافية، وينبغي أن تكون آمنة، منظمة، ومُتاحة للجميع دون استثناء بالتالي، فإن تبنّي نهج متكامل يجمع بين التخطيط الحضري، والقوانين الصارمة، والتوعية المجتمعية، هو السبيل الوحيد لضمان استعادة الأرصفة لدورها الطبيعي في حياة المدينة.

ومن الملاحظ أن كثيراً من الأرصفة في الأردن تعاني من الإهمال وسوء الصيانة، إذ تتعرض للتلف نتيجة العوامل الجوية وسوء الاستخدام، مما يجعلها غير آمنة للمشاة، خاصة كبار السن وذوي الإعاقة كما أن انتشار الحواجز الخرسانية والأشجار المزروعة بشكل عشوائي يزيد من صعوبة التنقل، إذ تتحول بعض الأرصفة إلى عوائق بدلاً من أن تكون مسارات آمنة. وهذا ينعكس سلباً على المشهد الحضري، حيث تصبح الشوارع غير جاذبة للسكان وتقلل من جودة الحياة في المناطق الحضرية.

كما أن البنية التحتية الضعيفة للأرصفة تجعلها غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من السكان، مما يدفع الكثيرين إلى المشي على حواف الطرق أو البحث عن مسارات بديلة غير آمنة. وهذا يشكل تهديداً لحياة المشاة، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى إشارات المرور المخصصة لعبور الطريق أو التي تعاني من غياب التخطيط المناسب للمساحات العامة. إن تحسين الأرصفة لا يجب أن يكون مجرد مبادرة تجميلية، بل يجب أن يكون جزءاً من رؤية شاملة تهدف إلى تحسين جودة الحياة وضمان تنقل آمن وسلس للجميع.

ومن المهم أن تتعاون الجهات المعنية مثل البلديات والمجتمع المدني والمواطنين أنفسهم في تبني سلوكيات إيجابية تحافظ على الأرصفة وتحمي حق المشاة في استخدامها. إن تطبيق العقوبات على المخالفين ووضع أنظمة حديثة لإدارة الفضاءات العامة يمكن أن يسهم في تقليل التجاوزات وتحقيق التوازن بين الاستخدامات المختلفة للأرصفة. وعلاوة على ذلك، فإن توفير بدائل مناسبة للباعة الجائلين وأصحاب البسطات، مثل تخصيص أسواق رسمية أو توفير أماكن مناسبة لهم بعيداً عن الأرصفة، قد يسهم في حل جزء من المشكلة دون الإضرار بمصدر رزقهم.

وفي النهاية، لا بد من التأكيد على أن الأرصفة ليست مجرد مساحات هامشية في المدينة، بل هي عنصر أساسي في تشكيل الهوية الحضرية وتحقيق التوازن بين مختلف فئات المجتمع. الاهتمام بها وصيانتها وتطويرها يجب أن يكون أولوية لضمان مدينة أكثر إنسانية وأكثر قدرة على تلبية احتياجات سكانها، حيث يمكن للجميع التحرك بأمان وسهولة في بيئة حضرية منظمة ومتوازنة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :