في غضون شهر واحد فقط، فقد القطاع الطبي في الأردن ثلاثة من الأطباء الشباب نتيجة ساعات العمل الطويلة والإرهاق الشديد.
للأسف، وزارة الصحة لا تُعير هذا الموضوع أي اهتمام، ولا تضعه ضمن أولوياتها، رغم أنه يعتبر من أساسيات ضمان صحة المواطنين وجودة الخدمات الطبية المقدمة لهم. ففي معظم دول العالم، يعمل الأطباء لساعات محدودة وغير مرهقة تتيح لهم تقديم رعاية صحية متكاملة وبأفضل صورة.

ولكن الواقع في الأردن مختلف تمامًا؛ إذ يعمل الأطباء ساعات مضاعفة مقارنة بالمعايير الدولية، كما أن الكثير من الأطباء الذين يقدمون خدماتهم في المستشفيات لا يحصلون على أجور مقابل ذلك، وهذا لا يقتصر على القطاع الحكومي فحسب.

هل يُعقل أن يتعرض الأطباء لهذا الكم من الضغط الجسدي والنفسي دون أي تدخل حكومي
إننا بحاجة ملحة إلى تسليط الضوء على هذا الموضوع إعلاميًا وفتح تحقيقات جادة حول الظروف القاسية التي يعمل فيها الأطباء، والتي تؤثر بشكل مباشر على صحتهم وعلى جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. عدم الاكتراث لهذه الامر المهم من قبل الحكومة، ممثلة بوزارة الصحة، يضع المواطن الأردني في موقف الخاسر الأكبر، حيث أن تدهور الأوضاع الصحية للأطباء ينعكس سلبًا على المجتمع ككل.

في الوقت الذي تُولي فيه الحكومة اهتماما كبيرا لبناء الأبنية الأسمنتية وتسجيلها كإنجازات تحت عهودها، يتم رفد تلك الأبنية بالكفاءات الطبية اللازمة لتشغيلها بأقل الامكانات، والنتيجة، يتحمل كلٌ من الطبيب والمواطن تبعات هذا الإهمال، حيث يدفع الأطباء الثمن بصحتهم وحياتهم، ويدفع المواطن الثمن من خلال تراجع جودة الخدمات الصحية.

المواطن الأردني والطبيب في خطر حقيقي.
إذا لم تتحرك النقابة والحكومة بشكل جاد وسريع لإيجاد حلول عملية لهذه الأزمة، فإننا أمام خطر فقدان المزيد من الكفاءات الشابة نتيجة الإرهاق الناتج عن بيئة العمل غير الملائمة. لا بد من اتخاذ خطوات فعلية لتحسين ظروف عمل الأطباء ورفد القطاع الطبي بالكوادر الطبية اللازمة لتقديم الرعاية الطبية المطلوبة للمواطن دون ان يمارس الظغط والجهد على الطبيب .

الإعلام الحر هو الأداة الوحيدة القادرة على تسليط الضوء على معاناة الأطباء، وما يعكسه هذا الوضع على المواطن.
نسعى لان تكونوا شركاء في وضع حد لهذه الأزمة، من خلال متابعتكم المستمرة وإعداد التقارير اللازمة التي تسلط الضوء على هذه القضية المهمة.