نصر الكرامة مقابل الصلف والغرور
اللواء المتقاعد الدكتور هشام خريسات
21-03-2025 02:48 AM
إنّ معركة الكرامة تُمثّل نقطة تحول وانعطافه مهمة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وستبقى خالدة في سجل المجد والفخار والخلود حيث كتب الابطال ملحمة العز والكرامة بدمائهم الزكية وواجهوا الصلف والغرور حيث سطر ابطالنا البواسل أنصع البطولات على ثرى وطننا الغالي حيث تلاقت كرامة الاوطان والانسان لتحقق نصرا في الكرامة المكان ، وظلت أرواح الشهداء ترفرف فوق الثرى الطهور، ويتفتح زهور ودحنون ربيع غور الكرامة على نجيع دمهم الزكي، وتسري في عروق الأردنيون رعشة النصر والعز والفرح بالنصر والفخر بالجيش العربي .
هدفت إسرائيل من هجومها وعبورها الجائر للأرض الأردنية الى زعزعة الثقة وتحطيم القدرات العسكرية الأردنية معتقدة بأن حرب حزيران ونتائجها كافية بان تبث الرعب في النفوس، لذا خططت الى احتلال مرتفعات البلقاء نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذه المرتفعات للوصول الى مركز الثقل العاصمة عمان ولزيادة العمق الاستراتيجي الإسرائيلي ومحاولة وفرض اراداتها بالقوة، لكن قواتنا كانت في اعلى درجات اليقظة وتصميمها على القتال من أجل إزالة آثار عدوان حزيران.
أبرزت المعركة التخطيط والتحضير الجيد لدى الجيش العربي مما انعكس على التنفيذ في ارض المعركة حيث تكاملت الجهود من مختلف الصنوف مثلما أبرزت أهمية الاستخبارات، إذ لم ينجح العدو بتحقيق عنصر المفاجأة نظراً لقوة حلقة الاستخبارات والتي كانت تراقب الموقف عن كثب وقرأت المشهد مبكرا وحللت الموقف والبيئة العملياتية مما انعكس على النتائج والوقوف في وجه العدوان الغاشم. فمعنويات الجيش العربي كانت مرتفعة وتترقب يوم الثأر من عدوهم وانتظروا ساعة الصفر بفارغ الصبر للرد على الظلم والصلف والغرور.
فشل العدو بشكل فشلا ذريعا في عمليته العسكرية، دون أن يحقق أياً من الأهداف التي خطط لها على جميع المقتربات والمحاور أمام ثبات وبطولة الصمود الجيش الأردني، وعاد يجر أذيال الخيبة والفشل، ليثبت للعدو بان الجيش العربي المصطفوي والجندي الأردني لدية روح القتال النابعة من التصميم على خوض معارك البطولة والشرف والإقدام والتضحية.
سعى العدو ومن خلال العديد من الجهات الدولية في إيقاف القتال لكن أصر الأردن على لسان المغفور له الحسين الباني طيب الله ثراه على (عدم وقف إطلاق النار طالما بقي جندياً إسرائيلياً واحداً شرقي النهر)، وهذا يثبت ودون أدنى شك، أن معركة الكرامة كانت معركة الجيش العربي منذ اللحظة الأولى، حيث كانت قيادته العليا تتابع مجرياتها لحظة بلحظة، وأن عدم قبول جلالة الملك قرار وقف إطلاق النار الذي طلبه الإسرائيليون بعد ساعات من بدء المعركة دليلٌ على امتلاك الأردن ناصية الأمر وزمام المبادرة والسيطرة على المعركة والتحكم بمجرياتها.
لقد جسّدت معركة الكرامة معاني البطولة والشجاعة التي تحلّت بها القيادة الهاشمية والقوات المسلحة الأردنية، والتي كانت نتيجتها هزيمة الجيش الإسرائيلي وانسحابه من أرض المعركة، وذلك بعد أن بلغت خسائره نحو 250 قتيلاً و450 جريحاً، بالإضافة إلى تدمير عدد كبير من آلياته ومعداته. أما الجيش العربي الأردني، فقدم في سبيل أرضه وقضيته 86 شهيداً، وأصيب 108 من منتسبيه.
لازالت كلمات المغفور له الحسين الباني رحمه الله في وصف المعركة وما آلت اليه محفورة في تاريخ الوطن بقوله (في فجر ذلك اليوم من أذار مشى الصلف والغرور في ألوية من الحديد ومواكب من النار، كانت الأسود تربط في الجنبات على أكتاف السفوح، وفوق القمم، في يدها القليل من السلاح والكثير من العزم، في قلوبها العميق من الإيمان، وتفجر زئير الأسود في وجه المد الأسود، الله أكبر). هذه الكلمات التاريخية وصفت الواقع والأجواء والنتائج التي آلت اليها المعركة.
ستبقى معركة الكرامة دوما في اذهان الأردنيون نستذكره عاما بعد عام وجزءاً من تاريخنا العسكري المشرق الذي نفتخر ونعتز به وسيبقى الجيش دوما عنوان عزتنا وكرامتنا في ظل قائد المسيرة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
ختاما كأحد ابناء القوات المسلحة المتقاعدين أتوجه بتحية الاجلال لسيدي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وسمو ولي العهد الامين فهم الأقرب إلى القلوب والوجدان اما رفاق السلاح العاملين الرابضين على الحدود والثغور والذين هم امتداد لأبطال الكرامة فنقول لهم سلام عليكم فأنتم الامتداد الطيب لمن سبقوكم.... فالوطن أمانة في اعناقكم تتوارثه الاجيال إلى يوم الدين دافعوا عنه بالمهج والأرواح.
حفظ الله الوطن وقائد الوطن والجيش واجهزتنا الامنية وادام الله علينا نعمه الامن والامان و السلام عليكم و رحمه الله وبركاته.