facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أمريكا تُسَلّح .. والكيان يَقتُل


محمود الدباس - ابو الليث
20-03-2025 03:34 PM

لم يكن الهجوم الأخير على غزة.. مفاجئاً لمن يعرف طبيعة الكيان الإسرائيلي.. بل كان امتداداً لمسار طويل لم يتوقف يوماً.. بل أخذ أشكالاً مختلفة.. بين القصف المباشر.. والحصار الخانق.. والحرب الإعلامية.. واللعب السياسي على أوتار الإنسانية الكاذبة.. فكان إعلان الهدنة.. مجرد استراحة تكتيكية.. لم يهدف إلا لإظهار الاحتلال بمظهر الباحث عن السلام.. بينما كانت الغرف المغلقة.. تعج بالتخطيط للمجزرة القادمة..

استهداف مجموعة من قيادات المقاومة في ضربة واحدة.. وارتقاء مئات الارواح في لحظات.. كان رسالة واضحة.. مفادها أن الغاية لم تتغير.. بل التنفيذ أصبح أكثر جرأة.. وأكثر وحشية.. كاتس يتحدث بصراحة عن تدمير غزة بالكامل.. ما لم تُسلَّم الأسرى.. وما لم تغادر حماس.. بل يلمّح إلى تهجير واسع النطاق.. وكأن المشروع الصهيوني.. لم يكتفِ بالنكبة الأولى.. بل يسعى إلى استكمالها.. وفق هندسة ديمغرافية جديدة.. قد تكون وجهتها سوريا.. أو لبنان.. أو حتى الصومال.. حيث الفوضى تمنح الاحتلال فرصاً لتحقيق ما لم يستطع بالقوة وحدها..

المعادلة لم تكن يوماً مجرد معركة عسكرية.. بل حرب إبادة.. وتغيير جغرافي وسكاني.. فلا أحد عاقل.. كان يظن منذ البداية.. أن هذا الاحتلال.. مدعوماً بأمريكا.. وأعتى منظوماتها العسكرية والسياسية.. سيقبل بوجود كيان مقاوم على شواطئ غزة.. أو سيعطي فرصة لالتقاط الأنفاس.. فالأمر أكبر من مجرد إنهاء حكم حماس.. بل هو استهداف لكل فكرة مقاومة.. قد تنبت من جديد.. حتى لو جاءت بثوب جديد.. وبأسماء جديدة.. لذلك فإن الحديث عن إعادة إعمار غزة.. ليس إلا غلافاً ناعماً.. لعملية تفريغها من أي قدرة على تشكيل خطر مستقبلي.. فالهدم ليس في الأبنية فقط.. بل في بنية الوعي والصمود.. والقدرة على النهوض مجدداً..

في المقابل.. أمريكا تمارس دورها التاريخي.. كمظلة لهذا المشروع.. فتزيد جرعات الدعم العسكري.. وتفتح مخازن الأسلحة المتطورة.. وتضمن ألا يتغير ميزان القوى.. بل ترسل رسائل تهديد صريحة لإيران.. بأن أمامها شهرين فقط.. إما اتفاق نووي.. مفصل على مقاس واشنطن وتل أبيب.. أو ضربة ساحقة للمفاعلات الإيرانية.. بالتزامن مع التصعيد في اليمن.. والتوغل في الضفة.. وتحييد حزب الله.. وضمان السيطرة على سوريا.. التي بات نظامها رهينة للتفاهمات الدولية..

كل ذلك.. ويترافق مع حملة إعلامية منظمة.. تستهدف وعي الشعوب.. قبل مواقفها.. فتصوير المقاومة كأنها المشكلة.. وإلقاء اللوم عليها.. وكأنها هي التي أوقعت غزة في هذه الكارثة.. هو جزء من مخطط أكبر.. لتطويقها نفسياً.. قبل أن يتم القضاء عليها عسكرياً.. البعض يدعوها للاستسلام.. والبعض يطالبها بالتوقف عن القتال.. بينما الحقيقة.. أن الاستسلام اليوم.. ليس خياراً بديلاً للحرب.. بل هو طريق مختلف نحو النتيجة ذاتها.. لأن المطلوب ليس نزع سلاح المقاومة فقط.. بل إنهاء وجودها بالكامل.. وتحويل غزة إلى نموذج مشابه للضفة الغربية.. حيث السيطرة المطلقة للاحتلال.. والسلطة لا تملك إلا نقل الخبر.. وطلب الإدانات..

وفي خضم هذه المعركة الوجودية.. لا يمكن تجاهل موقف الأردن الرسمي والشعبي منذ اللحظة الأولى.. فقد كان واضحاً وحاسماً.. في الوقوف إلى جانب أهل غزة.. ليس فقط في الكلمات.. بل في التحركات السياسية والدبلوماسية والاغاثية.. والتي أكدت رفض هذا العدوان الهمجي.. لم يكن الخطاب الأردني لا في المؤسسات.. ولا في الشارع.. خطاب لومٍ.. أو تأنيب.. بل كان موقفاً أخلاقياً.. وإنسانياً راسخاً.. يطالب بوقف المجازر فوراً.. لأن الدم الفلسطيني.. ليس ورقة تفاوضية.. ولا منصة للمزايدات.. بل قضية حق.. لا تقبل المساومة..

أما الحديث عن ضعف الكيان الإسرائيلي.. وأنه لم يحقق أهدافه رغم كل هذه الجرائم.. فهو خطاب يجب التوقف عنده بحذر.. صحيح أن المقاومة أثبتت قدرتها على الصمود.. وصحيح أن الاحتلال لم يحقق "النصر الحاسم" الذي وعد به.. لكن دعم أمريكا المتواصل.. والإمدادات العسكرية غير المحدودة.. والمظلة السياسية التي تمنحه حرية التدمير دون حساب.. كلها تؤكد.. أن الحديث عن ضعفه مجرد فبركة إعلامية.. قد يكون الهدف منها.. إشعار المقاومة بالثقة الزائدة.. فتخفف من يقظتها.. وتعيد تموضعها بشكل يسهل الانقضاض عليها في اللحظة المناسبة.. فالكيان الإسرائيلي لا يقاتل وحده.. بل يقاتل بمنظومة عالمية متكاملة.. تجعل من الصعب قياس قوته.. من خلال حسابات تقليدية..

في هذه اللحظة الحرجة.. لا يُطلب ممن لا يستطيع نصرة المقاومة.. أن يحمل سلاحها.. لكن على الأقل.. ليتركها وشأنها.. فمن يظن أن المقاومة مفروضة على غزة بالقوة.. فليُعِد حساباته.. فقد يجد نفسه مخطئاً.. فلو كان أهل غزة يرفضون نهجها.. لثاروا عليها.. او لسوف نرى ثورة عليها من الجماهير.. أما وإنهم مستمرون في تقديم أبنائهم شهداء.. وصامدون رغم كل المجازر والدمار.. فهذا يعني أنهم متوافقون مع خيارها.. وإن لم يكن بالإجماع.. فعلى الأقل بالقبول الضمني.. فلا تكونوا أنتم والعدو عليهم..

وعلى الرغم من موقفي المعلن من طوفان الاقصى.. من حيث التوقيت والجهوزية.. إلا أنني أقولها على العلن.. مَن لا يستطيع مدّ يده لمساعدة أهلنا في غزة.. وانقاذهم من الابادة الممنهجة.. فليُسكِت لسانه.. وليكف قلمه.. ففي لحظة المجازر.. لا يكون اللوم أولوية.. بل يكون الانحياز الأخلاقي هو الفيصل.. والموقف الواضح هو المطلوب.. فإما أن تكون مع غزة في معركتها الوجودية.. أو أن تصمت.. حتى لا تكون سهماً في صدرها..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :