facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تنامي اليمين السياسي في الغرب ومخاطره


د.أحمد بطاح
20-03-2025 12:14 PM

بعد فوز الرئيس الأمريكي ترامب بالرئاسة في الولايات المتحدة فاز الحزب المسيحي الديمقراطي (يمين معتدل) برئاسة " فريدريش" بالمستشارية في المانيا، وقد جاء ذلك تعزيزاً لليمين القوي أصلاً في بعض الدول الأوروبية كالمجر (أوربان)، والنمسا (فلاندرز)، وفرنسا (ماريا لوبين) والبرلمان الأوروبي، الأمر الذي يشير بوضوح إلى تنامي هذا المدّ السياسي في الغرب (الولايات المتحدة وأوروبا) بكل ما يعنيه ذلك من تبعات سياسية على شعوب هذه البلدان أولاً، وعلى شعوب العالم ودوله ثانياً، وذلك بحكم أن الدول الغربية دول نافذة وغنية ولها تأثير جلّي على سياسات دول العالم وخيارات شعوبه.

ولكي نفهم بتعمق هذه الظاهرة السياسية المستجدة على الساحة العالمية لا بدّ أن نشير باختصار إلى أهم طُروحات هذا اليمين السياسي في الغرب ولعلّ أهمها:

أولاً: النزعة الوطنية المتطرفة (الشوفينية أحياناً)، وغني عن القول إن النزعة الوطنية لا غبار عليها إذا ظلت في حدود الانتماء الطبيعي للوطن والدفاع عن قضاياه، ولكن إذا أصبحت تعصباً أعمى للوطن وعدم إدراك بل تجاهل لمصالح الأوطان الأخرى فإنها تصبح ضارة وسلبية، ولعلّ الشعارات السياسية التي يرفعها اليمين في الغرب ذات دلالة واضحة على هذا التوجه.

ثانياً: الموقف من الهجرة (أيّ هجرة أبناء الجنوب إلى الشمال، وأبناء الدول الفقيرة إلى دول الغرب الغنية) فاليمين السياسي في الغرب ضد الهجرة على طول الخط بل يعتبرها خطراً عليه، وقد رأينا كيف أن ترامب جعل من الهجرة قضية انتخابية في الولايات المتحدة، وهو الآن يقوم بترحيل ما يسميه المهاجرين "غير الشرعيين" وصولاً إلى "المهاجرين" في الواقع، كما رأينا كيف أن أوروبا دفعت المليارات إلى تركيا وإلى بعض الدول "المتوسطية" كتونس مثلاً كي تحول دون الهجرة إليها. صحيح أن ألمانيا استقبلت "مليوناً" من السوريين قبل سنوات في عهد المستشارة "ميركل" ولكن ذلك يظل الاستثناء الذي يُؤخذ به ولا يُقاس عليه.

ثالثاً: الموقف السلبي من الثقافات الأخرى وبالذات الثقافة العربية الإسلامية وبالذات في أوروبا حيث هناك أقليات عربية ومسلمة كبيرة (بالملايين أحياناً) في بعض الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وغيرهما. إن اليمين الأوروبي ينظر إلى هذه الثقافات الأخرى على أنها "مُلوِثة" للثقافة الغربية ولما تسميه فرنسا مثلاً (قيم الجمهورية)، وهو يرى أن هنالك "غزواً" ثقافياً من هذه الأقليات للمجتمعات الغربية يجب التنبه له ومحاربته.

رابعاً: التحيز لإسرائيل بصورة مطلقة صحيح أن دعم إسرائيل وضمان وجودها وتفوقها هو سياسة غربية ثابتة منذ إنشاء إسرائيل في عام 1948، ولكن اليمين السياسي الغربي بَالَغ في تحيزه لإسرائيل وقد رأينا كيف أن ترامب أحاط نفسه بمجموعة من المساعدين ذوي التعصب المطلق لإسرائيل (وزير الخارجية، مستشار الأمن القومي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، سفير إسرائيل الجديد في إسرائيل) كما رأينا كيف أن مستشار ألمانيا الجديد المُنتخب قال في معرض إجابته على سؤال عن إمكانية دعوة نتنياهو (المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب): لا نستطيع عدم دعوة نتنياهو لزيارة ألمانيا!، والواقع أن الشواهد على "تحيز" اليمين السياسي في الغرب لإسرائيل أكثر من أن تُحصى.

إنّ هذه الطروحات السياسية لليمين في الغرب لا تعني المواطن فيها فحسب، بل هي ذات أثر في الواقع على دول العالم وشعوبه، فالموقف من الهجرة مثلاً يعني تقليل فرص كثيرة لمواطني الدول الفقيرة في تحسين أوضاعهم من خلال الهجرة إلى الدول الغربية ذات المستوى الحياتي الأفضل، وإذا تذكرنا الحروب والمجاعات التي تعاني منها كثير من دول العالم الثالث أدركنا أهمية هذا الموضوع، وفهمنا لماذا يخاطر الكثيرون من أبناء هذه الدول بحياتهم في عرض البحر أملاً في الوصول إلى بعض دول الغرب.

والموقف من الثقافات الأخرى له مخاطره المباشرة على الأقليات العربية والمسلمة التي تعيش منذ سنوات طويلة (عقود أحياناً) في الغرب ولكنها ما زالت تشعر بالتهميش والقبول بمواطنة من الدرجة الثانية، ولعلّنا لا نبالغ إذا قلنا بأن كثيرين من أبناء هذه الاقليات ما زالوا يعيشون فيما يشبه "الجيتو" المحروم من الخدمات الإنسانية البسيطة.

والموقف من إسرائيل ينعكس بشكل واضح على واقع الدول العربية وشعوبها فتحيز الدول الغربية لإسرائيل (الولايات المتحدة أكثرها وضوحاً) مكنت إسرائيل من احتلال أجزاء من الدول العربية، وتهجير ابنائها، وعدم تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في الحرية والاستقلال، ولعلّ ما حدث بعد السابع من أكتوبر وتداعي دول الغرب لمساعدة إسرائيل في ممارسة إبادة حقيقية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أبلغ دليل على ما أشرنا إليه. صحيح أنّ الغرب -وبغض النظر عن الأحزاب الحاكمة في دوله- منحاز لإسرائيل ولكن اليمين السياسي بغير شك أكثر تحيزاً وتطرفاً في مساعدة إسرائيل وتبني سياساتها وخياراتها بغض النظر عن منطقيتها وعدالتها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :